- «خذ من شعره فاجمعه.» فأخذه على السواد الجديد ولم يأته بمنديل، فأخذ شعره وضرب وجهه به.
فقال المتوكّل:
ما دخلني من الجزع على شيء مثل ما دخلني حيث أخذ شعري على السواد الجديد وقد جئته فيه طامعا فى الرضا عنى فأخذ شعري عليه.
فلمّا بويع جعفر أمهل وهو يفكّر فى مكروه يناله به. ثمّ أمر إيتاخ بأن يأخذه ويعذّبه فيبعث إليه إيتاخ فظنّ أنّه يدعى للخليفة، فركب مبادرا. فلمّا حاذى منزل إيتاخ، قيل له:
- «اعدل إلى ها هنا.» فعدل وأوجس [٣٢٢] فى نفسه خيفة. فلمّا جاء إلى الموضع الذي كان نزل فيه إيتاخ عدل به عنه فأيقن بالشرّ ثمّ أدخل حجرة وأخذ سيفه ودرّاعته وقلنسوته فدفع إلى غلمانه، وقيل لهم:
- «انصرفوا.» فانصرفوا وهم لا يشكّون أنّه مقيم عند إيتاخ ليشرب.
ووجّه المتوكّل إلى أصحابه ودوره، فقبض عليهم فأخرج جميع ما كان فى منزله من متاع وجوار وغلمان ودوابّ، فصار ذلك كلّه فى الهارونىّ، وأمر أبا الوزير بقبض ضياعه وضياع أهل بيته حيث كانت. فأمّا ما كان بسرّ من رأى فحمل إلى خزائنه واشترى للخليفة جميعه وقيل لمحمد بن عبد الملك:
- «وكّل ببيع متاعك.» وأتوه بمن وكّله بالبيع عليه ثمّ قيّد، وامتنع من الطعام فلا يذوق شيئا.
وكان شديد الجزع فى حبسه كثير البكاء قليل الكلام كثير التفكير. فمكث