للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم يميّز [١] مبضعه المسموم. ثمّ اعتلّ هو ففصده تلميذه به فمات. وقيل وجد علّة فى رأسه فقطّر طبيبه ابن طيفور فى أذنه دهنا، فورم رأسه فعولج فمات.

ولم يزل الناس منذ ولى الخلافة وإلى أن مات يقولون:

إنّما مدّة حياته ستة أشهر مدّة شيرويه بن كسرى قاتل أبيه.» مستفيضا ذلك على السن العامّة والخاصّة.

وكان المنتصر استفتى فى قتل أبيه الفقهاء من غير أن يسمّيه، وحكى أمورا قبيحة لا تكتب فى كتاب [٢] ، فأفتوا بقتله.

فلمّا قتله رآه فى النوم وكأنّه يقول:

- «ويلك يا محمد، قتلتني وظلمتني، والله لا تمتّعت بالخلافة إلّا أيّاما يسيرة، ثمّ مصيرك إلى النار.» فانتبه وهو لا [٣٥٢] يملك عينه ولا جزعه، فكان يسلّى ويقال له:

- «هذا استشعار وهو حديث النفس.» فلا يسلو، وما زال منكسرا إلى أن توفّى.

ولمّا اشتدّت علّته خرجت العامّة فسألته عن حاله، فقال:

- «ذهبت والله منى الدنيا والآخرة.» وتوفّى وهو ابن خمس وعشرين سنة وستّة أشهر. فكانت خلافته ستّة أشهر.

وكان أعين قصيرا جيّد البضعة، وكان مهيبا. وطلبت أمّه أن يظهر قبره.

فهو أوّل خليفة من بنى العباس عرف قبره، وكنيته أبو جعفر.

ومن طريف ما اتفق عليه أنّ محمد بن هارون كاتب محمد بن على برد


[١] . انظر الطبري (١٢: ١٤٩٦) .
[٢] . انظر الطبري (١٢: ١٤٩٦) ، حيث استقبحت ولم تذكر تلك الأمور.

<<  <  ج: ص:  >  >>