قطائع. فكان ممّا أقطع ضياع بسواد الكوفة، فتضمن تلك الضياع رجل من دهاقين باروسما ونهر الملك بألفي دينار. فوقع بين هذا الدهقان وبين رجل بتلك الناحية يقال له ابن مارمّة شرّ فتناوله ابن مارمّه بمكروه. فحبس ابن مارمّه وقيّد فعمل حتّى تخلّص من الحبس وصار إلى سرّ من رأى، فلقى دليل بن يعقوب النصراني وهو يومئذ كاتب بغا الشرابي وصاحب أمره وإليه العسكر يركب إليه القوّاد والعمّال، وكان ابن مارمّه صديقا لدليل وكان باغر أحد قوّاد بغا فمنع دليل باغر من ظلم أحمد بن مارمّه وانتصف له منه فأوغر ذلك بصدر باغر وباين كلّ واحد من دليل وباغر صاحبه بذلك السبب.
وكان باغر شجاعا بطلا [٣٧٢] عظيم القدر فى الأتراك يتوقّاه بغا وغيره ويخافون شرّه، فجاء باغر يوم الثلاثاء لأربع بقين من ذى الحجّة سنة خمسين ومائتين إلى بغا وهو فى الحمّام وباغر سكران فانتظره حتّى خرج من الحمّام، ثم دخل إليه فقال له:
- «والله ما لى من قتل دليل من بدّ.» ثمّ شتمه. فقال له بغا:
- «لو أردت قتل ابني فارس ما منعتك منه، فكيف دليل النصرانىّ، ولكن أمر الخليفة وأمرى فى يده فتصبر حتّى أصيّر مكانه إنسانا ثمّ شأنك به.» ثمّ وجّه بغا إلى دليل يأمره ألّا يركب فاستخفى، وبعث بغا إلى محمد بن يحيى بن فيروز، وكان ابن فيروز يكتب له قديما، فجعله مكان دليل يوهم باغر أنّه قد عزل دليلا فسكن باغر. ثمّ أصلح بغا بين باغر ودليل، وباغر يتهدّد دليلا إذا خلا بأصحابه، ثمّ تلطّف باغر للمستعين ولزم الخدمة فى الدار وكره المستعين مكانه لجرأته وقتله المتوكّل. فلمّا كان نوبة بغا فى منزله قال المستعين: