- «إنّ أمير المؤمنين وأبا أحمد يقرءان عليكم السلام ويقولان لكم: من دخل فى طاعتنا قرّبناه ووصلناه ومن أبى ذلك فهو أعلم.» فشتمه العامّة ثمّ طاف على جميع الأبواب الشرقية بمثل ذلك وهو يشتم [٤٠١] فى كلّ باب [ويشتم][١] المعتزّ. فلمّا فعل رشيد ذلك علمت العامّة ما عليه ابن طاهر، فمضت إلى الجزيرة التي بحيال دار ابن طاهر فصاحوا به وشتموه أقبح شتم، ثمّ صاروا إلى بابه ففعلوا مثل ذلك. فخرج إليهم راغب الخادم فحضّهم على ما فعلوا بالمستعين ثمّ مضى إلى الحظيرة التي فيها الجيش فحضّهم، فصاروا إلى باب ابن طاهر فكشفوا من عليه وردّوهم فلم يبرحوا وقاتلوهم حتّى صاروا إلى دهليزه وأرادوا حرق الباب الداخل فلم يجدوا نارا وقد كانوا بالجزيرة الليل كلّه يشتمونه ويتناولونه بالقبيح.
فذكر عن ابن شجاع البلخي قال: كنت عند الأمير ويحدّثنى ويسمع ما يقذف به من كلّ إنسان حتّى ذكروا اسم أمّه. فضحك ثمّ قال:
- «يا با عبد الله والله ما أدرى كيف عرفوا اسم أمّى. ولقد كان كثير من جواري أبى العباس عبد الله بن طاهر لا يعرفون اسمها» فقلت له:
- «أيّها الأمير ما رأيت أوسع من حلمك.» فقال لى:
- «ما رأيت أوفق من الصبر عليهم، ولا بدّ من ذلك.» فلمّا أصبحوا وافوا الباب وصاحوا وصار ابن طاهر إلى المستعين يسأله أن يطّلع عليهم ويسكنهم ويعلمهم ما هو عليه.
- «فأشرف عليهم من أعلى الباب [٤٠٢] وعليه البردة والطويلة وابن طاهر