للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «إن أجابكم إلى حفظه فإنّه بحيث تحبّون.» [٥٦٠] فناظروه فى ذلك فأجابهم إلى حفظه بدراهم معلومة، وكان يحفظ لهم ويصلّى أكثر نهاره ويصوم ويأخذ عند إفطاره من البقّال رطل تمر فيفطر عليه ويجمع نوى ذلك التمر. فلمّا حمل التجّار تمرهم صاروا إلى البقال فحاسبوا أجيرهم هذا على أجرته فدفعوها إليه فحاسب الأخير البقّال على ما أخذه من التمر وحطّ من ذلك ثمن النوى، ورآه أولياء التجّار فوثبوا عليه وضربوه وقالوا:

- «ألم ترض أن أكلت تمرنا حتّى بعت النوى؟» فقال لهم البقّال:

- «لا تفعلوا فإنّه ما مسّ تمركم.» وقصّ عليهم قصّته، فندموا على ضربهم إيّاه، وسألوه أن يجعلهم فى حلّ، ففعل وازداد بذلك نبلا عندهم لما وقفوا عليه من زهده. ثمّ مرض فمكث مطروحا على الطريق، وكان فى القرية رجل يحمل على ثور له أحمر العينين، فكان أهل القرية يسمّونه كرميثه [١] ، وهو بالنبطية أى حارّ العينين [٢] فكلّم البقّال كرميثه هذا أن يحمل العليل إلى منزله ويوصى أهله بالإشراف عليه. ففعل وأقام عنده حتّى برأ فكان يأوى إلى منزله.

ودعا أهل القرية ووصف لهم مذهبه، فأجابه أهل تلك الناحية. وكان يأخذ من الرجل إذا دخل فى دينه دينارا ويزعم أنّ ذلك [٥٦١] للإمام فلمّا كثر أصحابه اتخذ منهم اثنى عشر نقيبا وأمرهم أن يدعوا الناس إلى دينهم وقال لهم:

- «أنتم كحواريّى عيسى بن مريم.»


[١] . كذا فى الأصل ومط: كرميثه. فى الطبري: (١٣: ٢١٢٥) كرميته.
[٢] . فى الطبري (١٣: ٢١٢٥) : أحمر العينين. وفى حواشيه: حارّ العينين.

<<  <  ج: ص:  >  >>