فاشتغل أكرة تلك الناحية بالصلوات الخمسين التي وظّفها عليهم.
وكان للهيصم فى تلك الناحية ضياع فوقف على تقصير أكرته فى العمارة.
فسأل عن سبب ذلك فأخبر بخبر هذا الرجل وأنّه قد شغلهم بالصلاة فشغلهم عن أعمالهم. فوجّه إليه وجيء به فسأله عن أمره فأخبره. فحلف أنّه يقتله وأمر به فحبس فى بيت وأقفل عليه الباب ووضع المفتاح تحت وسادته.
وتشاغل بالشرب. وسمع بعض من فى داره من الجواري يمينه [١] فرقّت له، فلمّا نام الهيصم أخذت المفتاح من تحت وسادته وفتحت الباب وأخرجته وردّت المفتاح إلى موضعه. فلمّا أصبح الهيصم طلب الرجل فلم يجده وشاع الخبر ففتن به أهل تلك الناحية وقالوا:
- «رفع.» ثمّ ظهر فى موضع آخر، فقصده قوم من أصحابه، فسألوه عن قصّته فكتمهم وقال:
- «ليس يمكن أحدا من البشر أن يبدأنى بسوء.» فعظم فى عيونهم.
ثمّ خاف على نفسه فخرج إلى الشام فلم يعرف له خبر. وسمّى باسم الرجل الذي كان فى منزله: كرميثه ثمّ عرّب وخفّف [٥٦٢] فقيل قرمط. ثمّ كثر مذهبه بسواد الكوفة.
ووقف أحمد بن محمد الطائي وكان إليه النظر فى سواد الكوفة على أمرهم فوظّف على كلّ رجل منهم فى كلّ سنة دينارا فكان يجيء ذلك فيجتمع له منه مال جليل.
ثمّ قدم الكوفة قوم من الكوفة، فرفعوا إلى السلطان أمر القرامطة وانّهم قد
[١] . كذا فى الأصل: يمينه. فى مط: منه. وفى الطبري (١٣: ٢١٢٦) : بقصّته. وفى حواشيه عن العيون: أنينه. ولعل هذا هو الصحيح.