للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطبه به أن قال:

- «كم جرايتك؟» فقال: «كذا.» قال: «وكم عطاؤك؟» قال: «كذا.» [٢٣] قال: «أفما كان لك فى جواريك وجاريك وفى هذه النعمة الواسعة كفاية عن معصية الله تعالى، وعن خرق هيبة السلطان، حتّى استعملت القحة وتجاوزت ذلك إلى الوثوب على من أمرك بالمعروف؟» فأسقط الغلام فى يده ولم يحر جوابا. فقال:

- «هاتوا جوالقا وقيدا وغلّا ومداقّ الجصّ.» فأتى بها كلّها. فأدخله الجوالق وأمر الفرّاشين بدقّه، وأنا أرى ذلك كلّه، وهو يصيح. ثمّ انقطع صوته ومات. وأمر به فغرّق فى دجلة وتقدّم إلى بدر بحمل ما فى داره، ووصلني بألف درهم. ثمّ قال لى:

- «يا شيخ أىّ شيء رأيت من أجناس المنكر ولو على هذا- وأشار بيده إلى بدر- فإن لم يقبل منك، فالعلامة بيننا أن تؤذّن فى هذا الوقت، فإنّى أسمع صوتك وأستدعيك وأفعل مثل هذا بمن لا يقبل منك أو يؤذيك.» قال: فدعوت له وانصرفت.

وانتشر الخبر فى غلمان الدار والحاشية ثمّ الأولياء والجند والعامّة. فما خاطبت أحدا منهم بعدها فى إنصاف لأحد أو كفّ عن القبيح، إلّا طاوعنى- كما رأيت- خوفا من المعتضد وما احتجت أن أؤذن فى غير وقت الأذان إلى الآن. [١]


[١] . هذه الحكاية، لا توجد فى الطبري فى حوادث هذه السنة. انظر الطبري (١٣: ٢٢٠٦ ٢٢٥١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>