- «امض فتسلّم بدرا من ابن كنداجيق وجئني برأسه.» فمضى فى طيّار حتّى استقبل بدرا ومن معه بناحية سيب بنى كوما.
فتحوّل من الطيّار إلى الحرّاقة وقال لبدر:
- «قم.» قال: «وما الخبر؟» قال: «إنّه لا بأس عليك.»[٢٩] فحوّله إلى طيّاره ومضى به إلى جزيرة، ونحّى الناس ودعا بسيف فاستلّه.
فلمّا أيقن بدر بالقتل سأله أن يمهله حتّى يصلّى ركعتين. فأمهله فصلّاهما، ثمّ قدّمه فضرب عنقه وذلك يوم الجمعة قبل الزوال لستّ خلون من شهر رمضان. ثمّ أخذ رأسه ورجع إلى طيّاره وترك جثّته هناك فبقيت أيّاما ثمّ وجّه عياله من أخذ جثّته سرّا فجعلوها فى تابوت وحملوها أيّام الموسم إلى مكّة فدفنوها بها، وكان أوصى بذلك. وأعتق قبل أن يقتل مماليكه كلّهم وتسلّم السلطان ضياع بدر ودوره ومستغلاته.
وورد الخبر على المكتفي بقتل بدر لتسع خلون من شهر رمضان، فرحل منصرفا إلى مدينة السلام، وجيء برأس بدر، فأمر به فنظّف ووضع فى خزانة الرؤوس. ورجع أبو عمر القاضي إلى داره حزينا كئيبا. فتكلّم الناس فيه، وقالوا أشعارا كثيرة. فممّا قيل فيه:
قل لقاضى مدينة المنصور ... بم أحللت أخذ رأس الأمير
بعد إعطاءه المواثيق والعهد ... وعقد الأمان فى منشور
أين أيمانك الّتى شهد الله ... على أنّها يمين فجور [٣٠]
يا قليل الحياء يا أكذب الأم ... مة يا شاهدا شهادة زور