ومرّ زكرويه فى طريقه بطوائف من بنى أسد فأخذها معه وقصد الحاجّ المنصرفين عن مكّة وقصد الجادّة، ثمّ اعترضهم يوم الأحد لإحدى عشرة خلت من المحرّم من هذه السنة بالعقبة [٥٢] من طريق مكّة فحاربوه حربا شديدة فسايلهم وقال:
- «أفيكم السلطان؟» قالوا: «نعم معنا سلطان ونحن الحاجّ.» فقال لهم:
- «فامضوا فلست أريدكم.» فلمّا سارت القافلة تبعها فأوقع بهم وجعل أصحابه ينخسون الجمال بالرماح ويبعجونها بالسيوف، فنفرت واختلطت القافلة وأكبّ أصحاب زكرويه على الحاجّ يقتلونهم كيف شاءوا فقتلوا الرجال والنساء وسبوا من النساء من أرادوا واحتووا على ما فى القافلة. وقد كان لقى بعض من أفلت من هذه القافلة علّان بن كشمرد وكان فى قطعة من فرسان جيش السلطان أعدّ لقصد القرامطة، فسأله عن الخبر فأعلمه ما نزل بقافلة الخراسانية وقال:
- «ما بينك وبين القوم إلّا قليل، والليلة أو فى غد توافى القافلة الثانية، فإن رأوا علما للسلطان قويت نفوسهم والله الله فيهم.» فرجع علّان من ساعته وأمر من معه بالرجوع وقال:
- «لا أعرّض أصحاب السلطان للقتل.» ثمّ أصعد زكرويه ووافته القافلة الثانية والثالثة ومن كان فيها من القوّاد والكتّاب مع جماعة من الرسل تنكّبوا طريق الجادّة وكتبوا بخبر الفاسق وفعله بالحاجّ ويعلمهم بالتحرّز منه والعدول عن الجادّة نحو واسط [٥٣]