«وبعد فطالعى وطالعك واحد وليس يلحقني شيء ولا يلحقك مثله، فلا تلتفت إلى ما يقال، فقد علمت الخاصّة والعامّة أنّى أطلقت للرجال النافذين إلى طريق مكّة ما لم يطلقه أحد تقدّمنى واخترت رؤساء الجند والقوّاد وشجعان الرجال وأزحت العلّة فى كلّ ما التمس منّى، فحدث من قضاء الله عزّ وجلّ على الحاجّ ما قد حدث مثله فى أيّام المكتفي بالله رحمه الله فما أنكره [٢١٧] على وزيره ولا ألزمه جريرته ولا أفسد عليه رأيه.» وتكلّم فى هذا المعنى بما يشاكله وانصرف نسيم والغلمان بانصراف نسيم.
واحتدّت الأراجيف وكثرت بأبى الحسن ابن الفرات والمحسّن ابنه، وأراد المقتدر أن يسكّن منهما فكتب إليهما رقعة يحلف فيها على ما هو عليه لهما وما يعتقده من الثقة بهما، وأنّه ينبغي لهما أن يثقا بما تقرّر فى نفسه من موالاتهما وأمرهما أن يظهرا رقعته إليهما لأهل الحضرة ويكتب بنسختها إلى جميع عمّال الحرب والخراج فى البلدان.
ثمّ ركب بعد ذلك ابن الفرات والمحسّن إلى الدار، فوصلا إلى المقتدر فى شهر ربيع الأوّل سنة اثنتي عشرة، ولمّا خرجا أجلسهما نصر الحاجب وكان راسل الغلمان الحجريّة المقتدر فى القبض عليهما فدخل مفلح برسالتهم، ثمّ أشار عليه بتأخير الأمر وقال له:
- «إنّ صرف [١] الوزير بكلام الأعداء خطر وخطأ فى التدبير وإطماع للغلمان.» فأمره أن يتقدّم إلى نصر بإطلاقهما ويعرّف الغلمان أنّ الأمر يجرى فيما راسلوه على محبّتهم فتقدم مفلح وقال: