السلطان كرّوا إلى بغداد منهزمين لمّا بلغهم وصول أبى طاهر إلى النهر من غير أن يروهم أو يقع عين عليهم لعظيم ما تداخل القلوب من الرعب بعد الحادث بابن أبى الساج. [٢٩٦] ولم يحدّث أحد نفسه بعد ذلك أن يجوز له أن يثبت فى وجهه.
وكان مع أبى طاهر جماعة من الأولاد فعدلوا به عن المخر وسار نحو الأنبار ولمّا ولّى أبو طاهر وأصحابه عن موضع العسكر بزبارا ارتفع التكبير والتهليل من أصحاب السلطان ليذيع الخبر به وبادر أصحاب الأخبار إلى علىّ بن عيسى بالسلامة وبانصراف أبى طاهر ورجوعه إلى الأنبار وبأنّه لا طريق له ولا مخاضة ولا حيلة فى الوصول إلى معسكر عسكره ولا إلى نواحي بغداد.
وطمع مونس فى الظفر بسواده وباقى رجاله الذين خلّفهم فى الجانب الغربي من الأنبار وفى تخليص ابن أبى الساج فأنفذ يلبق حاجبه وجماعة من القوّاد ومن غلمان ابن أبى الساج فى ستّة آلاف رجل وظنّوا أنّه لا يتم لأبى طاهر العبور إلى خيله وسواده. وبلغ أبا طاهر ذلك فاحتال حتّى انفرد عن رجاله ومشى مشيا طويلا حتّى خرج عن الأنبار إلى الصحراء التي تتّصل بالفرات، ثمّ عبر فى زورق صيّاد يقال: إنّه دفع إليه ألف دينار حتّى عبر به إلى سواده. فلمّا حصل فى سواده واجتمع مع أصحابه حارب يلبق ومن معه [٢٩٧] فلم يثبت له يلبق وانهزم ومن معه وقتل جماعة من أصحابه.
وبصر أبو طاهر فى الوقت بابن أبى الساج وقد خرج من خيمته التي كان معتقلا فيها متطلّعا إلى الطريق لينظر ما يكون من حال الوقعة فوقع له انّه أراد أن يهرب فدعا به إلى حضرته وقال: