للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على نحو فرسخين من بغداد ولحق به مونس واجتمعا على النهر وأشار أبو الهيجاء على نصر الحاجب بقطع قنطرة نهر زبارا وألحّ عليه فى ذلك. فلمّا رآه يتثاقل عن قبول رأيه قال له:

- «أيّها الأستاذ اقطعها واقطع لحيتي معها.» فقطعها حينئذ.

وسار أبو طاهر ومن حصل معه من أصحابه من الجانب الشرقي من الفرات قاصدين نهر زبارا. فلمّا صار على فرسخ واحد من عسكر السلطان آخر يوم الاثنين لعشر خلون من ذى القعدة بات بموضعه ليلته وباكر المسير إلى قنطرة نهر زبارا.

وتقدّم من رجّالته راجل أسود يقال له: صبح، [١] فكان أمام عسكره فما زال نشّاب أصحاب السلطان تأخذه وهو يتقدّم ولا يهوله وقد صار بالنشّاب كالقنفذ، فلمّا صعد القنطرة ورآها مقطوعة رجع، وما زال أصحاب أبى طاهر يمتحنون غور [٢] الماء فى النهر، فلمّا علموا انّه ليس يخيض انصرفوا راجعين القهقرى من غير أن يولّوا ظهورهم وصاروا إلى الحسينية فوجدوا الماء قد أحاط به لأنّ نصرا ومونسا وجّها قبل ذلك بمن بثق هناك بثوقا كبارا فصار الماء المخر محيطا بعسكر أبى طاهر. فأقام هناك يوم الثلاثاء وسار هو وأصحابه إلى الأنبار ولم يجسر أحد من أصحاب السلطان أن يتبعه أو يصلح قنطرة زبارا أو يعبرها.

وكان ما أشار به أبو الهيجاء من قطع هذه القنطرة توفيقا من الله فانّها لو كانت صحيحة لعبر أصحاب القرمطى عليها وما هالهم وفور عسكر السلطان ولا نهزم أصحاب السلطان وملك القرمطى بغداد. وذاك انّ أكثر أصحاب


[١] . فى مط: صيح.
[٢] . فى مط: غرر.

<<  <  ج: ص:  >  >>