- «يا أحمد قد عرفت ذنبك الذي جنيته وحرمت به نفسك رأيى، وقد تيسّر لك تلافيه بامتثال أمرى فيما أضمّنه توقيعى هذا، اقبض على البريديين الثلاثة وحصّلهم فى دارك، وإيّاك أن تفرج عنهم إلّا بتوقيع يرد عليك بخطّ كهذا الخطّ الذي فى هذا التوقيع وثق منّى بالعود لك إذا فعلت ذلك إلى ما يرفع منك ويصلح حالك ويعيد منزلتك.» قال: فأقرأنى أحمد بن نصر هذا التوقيع وسجد شكرا لله على ثقة المقتدر به وعبر فى الوقت إلى دار أبى عبد الله وأنفذ حاجبه أبا يعقوب إلى دار أبى يوسف وأنفذ أحمد بن مقبل إلى دار أبى الحسين فوجدوهم قد خرجوا قبل ركوبه بلحظة وركبوا طيّاراتهم. وكان الخبر قد سبق إليهم فأظهروا أنّهم يريدون مسجد [٣٣٥] الرضا المتصل بالشاذروان بالأهواز فاتبعهم وعرف أنّهم ساروا إلى البصرة، فقامت قيامته من ذلك.
وأنفذ أبا يعقوب والغلمان وراءهم، فاتّفق أن عصفت الريح على البريديين فمنعتهم عن السير ولحقهم الطلب فأخذوا.
وبذل أبو عبد الله لأبى يعقوب خمسين ألف دينار على أن يفرج عنهم فما أجابه، ثمّ سأله أن يفرج عن أحد أخويه ويقبل منه عشرين ألف دينار فأبى، وردّهم وحصلوا فى دار أحمد بن نصر ولم تمض خمسة أيّام حتّى ارتفعت ضجّة. فقال لى أحمد بن نصر:
- «اخرج فاعرف ما سبب هذه الضجّة.» قال: وكان سلّم إليهم داره الشطيّة واعتزل فى حجرة، فخرجت مبادرا فرءانى أبو عبد اله فقال:
- «قل له وبشّره أنّ الفرج قد أتى وأنّ هذا كتاب الوزير بالإطلاق وإقرارى وأن أنظر فى الأعمال.» وأعطانى الكتاب وبادرت به إلى أحمد بن نصر فقرأه وخرج إليه وإلى