واجتهد المقتدر بهارون أن يشخص إلى حرب مونس فتقاعد واحتجّ بأنّ معظم أصحابه ممّن انضمّ إليه من رجال مونس أو ممّن كان معه فى وقت محاربته مرداويج [٣٧٦] فى المشرق أو من استأمن إليه من عسكر الديلم وقد عرف محاربتهم وأنّهم ينهزمون ولا يثبتون للحرب وليس يثق بأحد منهم لأنّه يعلم أنّهم يستأمنون ويسلّمونه ودافع بالخروج إلى أن صار أصحاب مونس بباب الشمّاسيّة بإزاء عسكر محمّد ابن ياقوت. فجاء محمّد بن ياقوت إلى الوزير الفضل بن جعفر فانحدر [١] إلى المقتدر ومعهما ابنا رائق ومفلح فشرح محمّد بن ياقوت الصورة وقال له:
- «إنّ الرجال لا يقاتلون إلّا بالمال وإن أخرج استغنى عن القتال واستأمن أكثر رجال مونس ودفعت الضرورة مونسا إلى الهرب أو الاستتار.» وقال له:
- «إنّ الوزير أطلق مالا لم يعمّ.» وسألوه أن يحتال مائتي ألف دينار من جهته وجهة والدته ليصرف فى المهمّ. فعرّفه أنّه لم يبق له ولا للسيّدة حيلة فى مال يطلق وتقدّم الشذاءات والطيّارات لينحدر هو وحرمه إلى واسط ويسلّم البلد إلى مونس ويكتب من واسط إلى من بالبصرة والأهواز وفارس يستنجدهم ويستحضرهم لقتال مونس ودفعه.
فقال له محمّد بن ياقوت:
- «اتّق الله يا أمير المؤمنين فى جماعة غلمانك وخدمك ولا تسلّم بغداد بغير حرب.»