للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسأت إلىّ؟» فلمّا أعيد هذا الكلام على ابن مقلة من غير جهتنا فإنّه كان [٤٠١] أنفذ من يتسمع، خجل وتبلّد وتحيّر ثمّ قال:

- «هذا يدلّ علىّ بالفراتيّة وأمير المؤمنين ليس يمكّننى من رعاية حقوق أمثاله وأنا أنفذه إلى الخصيبى فإنّه أعرف بدوائه.» فقمنا وجئت إلى الخصيبى فحدّثته بما جرى فى المجلس وقلت له:

- «أعيذك بالله أن تنتصب للتشرّر [١] على الناس وأن يقال: إنّ النعم تزال بك وأنت وزير ابن وزير وقد رفع الله قدرك من ذلك وأجلّك بصناعتك وعفافك وأبوّتك.» فقال: «أحسن الله جزاءك ستعلم أنّى أردّه إليه بعد أن أعذر باليسير إليه.» ثمّ إنّ أبا علىّ ابن مقلة استدعى الخصيبى وسلّمه إليه بعد أن اضطرّه إلى كتب خطّه بثلاثمائة ألف دينار يصحّحها فى مدّة عشرين يوما. فأحضر له الخصيبى صاحب الشرطة وجرّده وضربه عشر درر وخلّع تخليعا يسيرا، ثمّ ضربه بالمقارع، فأقام على أنّه لا مال له وأنّ ضياعه قد وقفها ولا يمكنه بيعها. فاستعفى الخصيبى منه وردّه إلى دار ابن مقلة فحبسه ثمّ سلّمه إلى المعروف بابن الجعفري النقيب وأحضر له غلاما من غلمان القاهر وذكر له أنّه قد أمر بضرب عنقه إن لم يؤدّ قدرا من المال.

فما زال يعلّلهم إلى آخر الوقت ولم يؤدّ [٤٠٢] شيئا. فلمّا حضر الوقت أحضره السيف وشدّ رأسه وعينيه. فقال له أبو الخطّاب:

- «وجّهنى رحمك الله إلى القبلة.»


[١] . فى مط: للشرّ، بدل «التشرّر» .

<<  <  ج: ص:  >  >>