للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأبى ولجّ إلى أن قلت:

- «فإنّ الأعداء يرجفون بكيت وكيت، فاتقّ الله اركب وطف طوفة لتزول الأراجيف ثمّ اعمل ما بدا لك فإنّا سنعتذر عنك.» فزاده ما حكيته له من [٤٨٢] أراجيف الناس به غيظا وحنقا. ثمّ قام فركب كارها متحاملا وطاف مغضبا مغتاظا بقدر ما رآه الناس وانصرف إلى موضعه ولزم حالته الأولى وجمع الناس الذين دعوا على خبط [١] فأبى أكثرهم وانصرف من كان حاضرا وقالوا:

- «لا نأنس [٢] إلّا يأنس الأمير.» وبقي فى معسكره ثلاثا لا يظهر ولا يرى إلّا أنّه يعلم أنّه حاصل فى قصر أبى علىّ ابن رستم، فلمّا كان اليوم الثالث تقدّم بإسراج الدوابّ ليعود من جرين إلى داره وهي التي كانت لأبى علىّ ابن رستم بالمدينة ولها باب إلى الصحراء وباب إلى المدينة. فأسرج الغلمان واجتمعوا بالباب وذلك بعد الظهر فنعس نعسة ونام فأبطأ ودخل وقت العصر واتفق أن شغبت دوابّ الغلمان وارتفعت أصواتها وأصوات من يزجرها ولم يمكن أن يفرّق بينها لازدحامها بالباب ولأنّ أكثرها بأيدي غلمان الغلمان. [٣] ينتظرون ركوب الأمير فركب الغلمان بركوبه. فانتبه مرداويج مذعورا لما كان فى نفسه من إقدام الناس عليه بالأراجيف وسأل من يليه عن السبب فلم يعرفوا صورة الأمر. فقام بنفسه واطّلع على الدوابّ والشاكريّة وإذا هم بأسرهم يصيحون لزجر الدوابّ والدوابّ قد سقط بعضها على بعض ولها [٤٨٣] أصوات هائلة منكرة فارتاع


[١] . فى مط: على حبط، بإهمال الأول.
[٢] . كذا فى الأصل ومط: لا نأنس. فى مد: لا تأمن، خلافا للأصل.
[٣] . فى مط: غلمان (دون «الغلمان» ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>