للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ساعة حتّى عرف حقيقة الأمر. ثمّ سكن فسأل عن أصحاب الدوابّ فقيل:

هم الغلمان الأتراك. فأمر أن تحطّ السروج عن ظهور الدوابّ وتجعل على ظهور الغلمان مع جميع آلتها ويدفع الدوابّ بأرسانها إليهم ليقودوها بأنفسهم إلى الاصطبلات. ففعلوا ذلك وكانت صورة قبيحة يتطيّر من مثلها ويتشاءم بها.

ثمّ ركب هو بنفسه مع خاصّته وهو يتوعّد الغلمان حتّى صار إلى منزله قرب العشاء وكانت طشّة من مطرة بلّته. فلمّا دخل داره كانت كالخالية ليس فيها إلّا صبيان أصاغر [١] وخادم أسود كان أستاذ أولئك الغلمان. فدخل الحمّام يغيّر ثيابه وقد كان قبل ذلك بطش بغلمان أتراك كبار فحقدوه ولكن لم يكونوا يجدون أعوانا. فلمّا فعل بالجماعة ما فعل اغتنموا الصورة وانتهزوا الفرصة وقال بعضهم لبعض:

- «ما وجه صبرنا على هذا الشيطان؟» فاتفقوا على الفتك به. ولمّا دخل الحمّام سألوا الغلام الذي يلي خدمته فى الحمّام ألّا يحمل معه سلاحه- وكان رسمه أن يدخل معه إلى الحمّام دشنيّا ملفوفا فى منديل- فقال الغلام:

- «لا أجسر أن أتقدّم بين يديه وليس معى الدشنىّ. فاتفقوا على أن يكسروا حديدته [٤٨٤] ويتركوا النصاب فى الجفن ثمّ يلفّ فى المنديل حتّى لا ينكر الصورة ويتركه فى زاوية الحمّام على الرسم. ثمّ هجم عليه جماعة والخادم الأسود جالس على كرسىّ بباب الحمّام. فلمّا رآهم ثار فى وجوههم وصاح بهم فضربه بعضهم بسيفه فاتقاه بيده فطاحت من الذراع وسقط، وهجم القوم وارتفعت الضجّة فأحسّ مرداويج بالشرّ فبادر فسند [٢]


[١] . فى الأصل ومد: صبيان الأصاغر. وفى مط: الصبيان الأصاغر.
[٢] . فى مط: فسدّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>