الباب من داخل بسرير- وكان يجلس عليه- بعد أن طلب الدشنىّ فلم يجده ودفع الغلمان الباب فتعذّر عليهم فصعد نفر منهم إلى قبّة الحمّام فكسر الجامات ورموه بالنشّاب فدخل البيت الحار وأخذ فى مداراتهم وضمن لهم كل جميل فكأنّهم تهيّبوه ساعة ثمّ علموا أنّ الغاية التي بلغوها منه ليس يجوز أن يكون بعدها صلح. فحمل بعضهم على ناحية الباب الذي وراءه السرير حتّى كسروه ودخلوا عليه، فشقّ بعضهم جوفه بسكين معه وضرب هو وجه بعضهم بكرنيب فضّة فى يده فأثّر فيه أثرا قبيحا وخرجوا من عنده وعندهم أنّه قد فرغوا منه. فقال لهم رفقاؤهم الذين كانوا خارج الحمّام:
- «ما صنعتم؟» قالوا:- «شققنا جوفه.» فقال أحدهم:
- «عودوا إليه [٤٨٥] فحزّوا رأسه.» وإنّما فعلوا ذلك لأنّه كان اتّفق فى تلك الأيّام أنّ بعض الفرّاشين فى الدار شقّ بطنه بجراحة فخيط الجرح وعولج فسلم فخافوا أن يجرى ذلك المجرى فحزّوا رأسه.
وقيل: إنّه لمّا عاودوه قد جمع حشوة بطنه وردّها وقبض عليها بشماله وقاتل بكرنيبه ساعة حتّى فرغ منه. فلمّا طرحوا رأسه فى الدار بادروا إلى الإصطبلات فأسرجوا الدوابّ وأوكفوا البغال واحتملوا من الخزائن ما أمكنهم من المال والسلاح ورحلوا.
وفى خلال ذلك تهيّأ لبعض من فى الدار تسوّر الحيطان، فدخلوا المدينة وقد جنّهم [١] الليل، فخبّروا الجند والقوّاد بما جرى وهم سكارى متفرقون