للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجد نصف الياقوتيّة قد انحازوا [٥٢٠] عنه. فقيل لياقوت ذلك ووبّخ وعذّل فقال:

- «قد اجتمع لى بمقام من أقام بالأهواز خفّة المطالبة عنّى وحصولهم مع كاتبي وليس يصلح ابن البريدي لما أصلح له فأخافه وإن احتجت أو احتيج إلى حرب فالجماعة بالضرورة يعودون إلىّ وهم عدّة لى عنده.» وعاد رجال ياقوت إليه فقالوا له:

- «ما حصلنا من الغرض إلّا على أن خرج شطرنا وهيض جناحنا وضعفت شوكتنا فاكتب إلى البريدي أن يحمل ما قرره لنا.» فكتب ياقوت بذلك فأجابه أبو عبد الله بأنّه يحتال ويحمل.

ثم زاد الإلحاح على ياقوت فخرج بنفسه إلى الأهواز فى ثلاثمائة رجل وقلّل العدّة لئلّا يستوحش البريدي وقدّر أنّه إلى كاتبه يمضى. فتلقاه أبو عبد الله البريدي بالسواد الأعظم وأخرج معه كلّ من بالأهواز من الجيش فلمّا رأى ياقوتا ترجّل [١] له وانكبّ ياقوت عليه حتّى كاد ينزل عن دابّته ثمّ سار وأنزله داره وخدمه بنفسه وقام بين يديه إلى أن طعم وغسل يده فناوله الماورد [٢] والمنديل وبخّره بيده فهو فى ذلك قبل أن يفاوضه، إذ ارتفعت ضجّة عظيمة وشغب الجند وقالوا:

- «إنّما وافى ياقوت إليه.» فقال البريدي: [٥٢١]- «أيّها الأمير الله الله اخرج وبادر وإلّا قتلنا جميعا.» فخرج ياقوت من وقته خائفا يترقّب من طريق يخالف طريق المشغّبين وعاد إلى عسكر مكرم كما بدأ منها.


[١] . فى مط: يدخل، بدل «ترجّل» .
[٢] . الماورد: كذا فى الأصل. وفى مط: الماء ورد.

<<  <  ج: ص:  >  >>