ثمّ ورد عليه كتاب البريدي بأنّ الرجال بالأهواز قد استوحشوا منه وأنّ الوجه أن يخرج إلى تستر فإنّ بينها وبين الأهواز ستّة عشر فرسخا. وعسكر مكرم فهي على ثمانية فراسخ وإذا نأت الدار زال الاستيحاش وسبّب له على عامل تستر بخمسين ألف دينار فخرج إليها. فقال له مونس- وكان مونس هذا تربية ياقوت وثقته-:
- «أيّها الأمير، إنّ البريدي يحزّ مفاصلنا مفصلا مفصلا ويسخر منّا وأنت مغترّ به وقد حاز شطر رجالنا ووجوه قوّادنا إلى نفسه وضمن لنا اليسير من المقرّر وليس يطلق ذلك أيضا ليستأمن إليه الباقون ثمّ يأتى على أنفسنا وقد اتّصلت كتب الحجريّة إليك بأنّه لم يبق لهم شيخ غيرك. فإمّا دخلت بغداد وجميع من بها يسلّم لك الرئاسة وأوّلهم محمّد بن رائق بالضرورة لسنّك وأنّك نظير أبيه، وإمّا خرجت إلى الأهواز حتّى تطرد البريدي عنها وتقيم أنت بها فإنّا وإن كانت عدّتنا يسيرة دون عدّته فهو كاتب ونحن فى خمسمائة [٥٢٢] رجل وهو فى عشرة آلاف رجل وقد أحصيت من عندنا فوجدتهم نحو خمسة آلاف رجل وفيهم كفاية والعسكر بصاحبه وأنت أنت.
وقد قال عدوّك علىّ ابن بويه: لو كان فى عسكر ياقوت مائة رجل مثله ما قاومته. فالله الله يا مولاي، لم تضيّع نفسك وتضيّعنا؟» فقال: «سأنظر وأفكر.» فخرج مونس مغضبا من عنده وركب فى ثلاثة آلاف رجل شاذّا عن مولاه ياقوت ووافى عسكر مكرم يريد الأهواز وقال لنا.
- «لا أعصى مولاي، فإنّه اشترانى وربّانى واصطنعني ولكنّى أفتح الأهواز وأسلّمها إليه.» فما استقرّ بعسكر مكرم ثلاث ساعات من النهار حتّى ورد كتاب ياقوت على درك- وكان والى الشرطة بعسكر مكرم- يعرّفه أنّ مونسا غلامه خرج