- «إنّه لا يمكنه ردّ رجاله من البصرة، لأنّ أهلها قد أنسوا بهم واستوحشوا من قبيح [٥٥٨] ما عاملهم به ابن يزداد فى أيّامه لأنّ القرمطى طامع فى البلد وليس يأمن متى كاتبهم بالانصراف أن يدخل القرامطة إلى البصرة ضرورة، لئلّا تعود المعاملة بين أهلها وبين ابن يزداد بعد أن كاشفوه.» وقد كان لعمري أهل البصرة فى نهاية الاستيحاش من ابن رائق ومحمّد بن يزداد، فإنّ محمّد بن يزداد سار بهم سيرة سدوم وظلمهم فى معاملاتهم ظلما مفرطا وسامهم الخسف وكانوا قد اعتادوا العزّ وقدّروا بالبريدى خيرا ثمّ رأوا منه ومن أخويه ما ودّوا أنّهم أكلوا الخرشف والخرنوب وصبروا على محمّد بن رائق ومحمّد بن يزداد ومعاملته.
ولمّا عاد الرسول بالجواب كان ابن رائق قد استدعى بدرا الخرشنى وأكرمه وخلع عليه خلعا سلطانيّة وحمله. وترجّح الرأى فى تسيير الجيوش إلى الأهواز والبصرة ثمّ استقرّ الرأى على أن يقلّد بجكم الأهواز بعد حديث لبجكم فى ذلك مع ابن مقاتل سنذكره فيما بعد إن شاء الله. وخلع عليه ابن رائق لذلك وسيّره وبدرا الخرشنى إلى الأهواز وضمّ إليه ابن أبى عدنان الراسبي دليلا ومعينا وأنفذ حاجبه فاتكا وعبد العزيز الرائقى وأحمد بن نصر القشوري وبرغوثا وأمرهم أن يقيموا [٥٥٩] بالجامدة ويحصل جيش البريدي بين حلقتى البطان فبادر بجكم ولم يتوقّف على بدر الخرشنى ونفذ أمامه فوصل إلى السوس وأخرج البريدي محمّدا غلامه المعروف بأبى جعفر الجمّال فى عشرة آلاف رجل بأتمّ آلة وأكمل سلاح للحرب.
فوقعت الحرب بظاهر السوس ومع بجكم مائتان وتسعون غلاما من الأتراك فانهزم البريديّة يوم نزول بدر بالطيب.