وكاشفتموه وليس يجوز أن تصفو نيته لكم آخر الدهر وقد اجتهد فى بواركم فلم يتم له فمرّة ببني حمدان ومرّة ببني بويه وهاهنا رجل من ولد الخلافة من فهمه وعقله ودينه ورجلته كيت وكيت تنصبونه فى الخلافة وتزيلون المتقى لله وهو يثير لكم أموالا جليلة لا يعرفها غيره ولا يقدر عليها سواه وتكونون أنتم قد استرحتم من عدوّ تريدون أن تحرسوه وتحترسون منه وتخافونه ويخافكم وتقيمون رجلا من قبلكم يرى أنّكم قد أحسنتم إليه وأنّ روحكم مقرونة بروحه.
وأطالت الكلام فى هذا المعنى فهوّستنى ودار كلامها فى نفسي وعلمت أنّ محلى لا يبلغ الكلام فى مثله والسفارة فيه وكرهت أن اكذّب نفسي عندها لما ادّعيته من المحلّ والمنزلة فاطمعتها فى ذلك وعلمت أنّ هذا الأمر لا يتمّ إلّا بك ولا يقدر عليه غيرك وقد أطلعتك عليه فأىّ شيء عزمك أن تعمل؟
فقلت: أريد أن أسمع كلام المرأة. فجاءني بامرأة تتكلم بالعربية والفارسية من أهل شيراز جزلة شهمة فهمة فخاطبتني بنحو ما خاطبني به الرجل فقلت لها: لا بد من أن ألقى الرجل وأسمع كلامه. فقالت: تعود غدا إلى ههنا حتى أجمع بينك وبينه. فلمّا كان من غد عدت فوجدت الرجل قد أخرج [١١١] من دار ابن طاهر فى زي امرأة وحصل فى دار ابن الربنبذ فلقيته وعرّفنى أنّه عبد الله بن المكتفي بالله. وخاطبني رجل حصيف فهم ووجدته مع هذا يتشيّع ورأيته عارفا بأمر الدنيا وضمن لى ستمائة ألف دينار يستخرجها ويمشّى بها الأمر ومائتي ألف دينار للأمير توزون وقال: أنا رجل فقير وإنّما أعرف وجوه أموال لا يعرفها غيرى وأعرف من ذخائر الخلافة فى يد قوم لا يعرفهم غيرى. وذكر [١] أنّ وجوهها صحيحة لا شك فيها ولا يقدر غيره
[١] . كذا فى مط: وذكر. ما فى الأصل: وكرّ. ولعلّه «وكرّر» سقطت منه الرّاء الثانية.