فلمّا سار سبكتكين نحوهم ساروا من همذان بأجمعهم فلم يحاربوا وورد سبكتكين همذان وأقام بها منتظرا ركن الدولة وذاك أنّ كتب ركن الدولة كانت ترد عليه أنّه يسير من فارس على طريق الجبل ثمّ تأخّر انتظارا لانحسار الثلوج ثمّ ورد همذان وتقدّم إلى سبكتكين بالمسير على مقدّمته.
فشغب الصنف من الأتراك التوزونية وأظهروا التضجّر بالمقام الطويل فتوسّط الأستاذ الرئيس أبو الفضل- رحمه الله- بينهم وداراهم وسكّنهم فسكنوا فى الوقت ثم عاودوا من الغد وطال ذلك منهم حتى اتّهموا.
فسمعت أبا الفضل ابن العميد- رحمه الله- يقول:
إنّى قلت للأمير ركن الدولة: هؤلاء أعداؤنا وقد كاشفونا فكيف نسير بهم إلى أعدائنا؟ فاتّفق الرأى بيننا أن نسكّنهم فإن سكنوا وإلّا حاربناهم وفرغنا من العدو الأقرب فلمّا عملنا على ذلك عملوا على الحرب فأوقعنا بهم ومضوا مفلولين. [١٨٥] وسبق خبرهم إلى معزّ الدولة فكتب إلى أبن أبى الشوك الكردي وسائر وجوه الأكراد المقيمين فى أعمال حلوان بطلبهم والإيقاع بهم ففعلوا ذلك وطلبوهم وأسروا منهم وقتلوا. فأمّا الأسارى فأنفذهم إلى بغداد وأمّا الفلّ فصاروا إلى الموصل بحال سيّئة.
وأقام ركن الدولة بهمذان لتعرّف خبر ابن قراتكين إلى أن صحّ عنده مسير ابن قراتكين من الرىّ نحو همذان فبثّ جواسيسه وطلائعه لتعرّف خبره.
فأتاه الخبر بأنّه عدل عن سمت همذان وأخذ على طريق يؤدّى إلى إصبهان.
فسار ركن الدولة فى أثره يقفوه حتى انتهى إلى جرباذقان ووصل ابن قراتكين إلى إصبهان فعاث بها عيثا كثيرا مدة ما أقام ثم عرف قرب ركن الدولة منه فسار إلى طرف مفازة بقرب من إصبهان.