للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهم في الصحراء. ولما رأى المسلمون خيل الروم توجّهت للهرب، أفرجوا لها ولم يحرجوها. فذهبت متفرّقة في البلاد، وأقبل خالد والمسلمون على الرجل، ففضّوهم. فكأنّما هدم بهم حائط، فاقتحموا في خندقهم [٣١٤] فاقتحم عليهم فعمدوا إلى الواقوصة [١] حتى هوى فيها المقترنون وغيرهم، فمن صبر من المقترنين للقتال هوى به من جشعت نفسه، فيهوى الواحد بالعشرة لا يطيقونه، كلّما هوى اثنان كانت البقية أضعف. فتهافت في الواقوصة عشرون ومائة ألف [٠٠٠ بن ١٢٠] إنسان منهم ثمانون ألف مقترن وأربعون ألف مطلق، سوى من قتل في المعركة من الخيل والرجل، وتجلّل أخو ملك الروم وأشراف من أشرافهم برانسهم وقالوا:

- «لا نحبّ أن نرى يوم السوء، إذ لم نستطع أن نرى يوم السرور، وإذ لم نستطع أن نمنع النصرانية.» فأصيبوا في تزمّلهم.

وقد كان عكرمة بن أبى جهل في بعض جولات الروم نزل عن فرسه وقال:

- «قاتلت عن رسول الله صلى الله عليه في كلّ موطن وأفرّ اليوم!» ثمّ نادى:

- «من يبايع على الموت؟» فبايعه ضرار بن الأزور في أربعمائة من وجوه الناس والفرسان، فقاتلوا قدّام فسطاط خالد، حتّى أثبتوا جميعا جراحا، وقتلوا إلّا من [٣١٥] برأ ومنهم ضرار.


[١] . الواقوصة: واد بالشام في أرض حوران نزله المسلمون أيام أبى بكر الصدّيق على اليرموك لغزو الروم ...
وفي كتاب أبى حذيفة: أنّ المسلمين أوقعوا بالمشركين يوما باليرموك، فشدّ خالد في سرعان الناس وشدّ المسلمون معه يقتلون كل قتلة، فركب بعضهم بعضا، حتى انتهوا إلى أعلى مكان مشرف على أهوية، فأخذوا يتساقطون فيها وهم لا يبصرون وهو يوم ذو ضباب، وقيل كان ذلك بالليل وكان آخرهم لا يعلم بما صار إليه الذي قبله حتى سقط فيها ثمانون ألفا ... وسميت هذه الأهوية بالواقوصة من يومئذ حتى اليوم، لأنهم واقصوا فيها. (يا، والطبري ٤: ٢٠٩٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>