- «لأنّ هؤلاء أيضا، يعنى الأكراد، يحتاجون إلى القوت» .
ولقد قيل مرة:
- «إنّ الأكراد وقعوا على بغال له خرجت للعلوفة فساقوها وذلك بالقرب من البلد وبحيث يلحقون إن طلبوا.» فقال فى الجواب:
- «كم كانت البغال.» فقيل: «ستة.» فقال: «وكم كانت عدة الأكراد.» فقيل: «سبعة.» فقال: «سيقع بينهم الخلاف. كان يجب أن تكون البغال سبعة بعددهم.» فإذا كان هذا رأيه فى الإنكار على أهل العيث وذلك رأيه فى توفير العمارات واستغزار الأموال فما حيلة وزيره ومدبّره؟ فتأمل هذه الصورة وانظر إلى سيرة ملك قد عوّد وزراءه هذه العادات ورضى منهم بما تقدمت حكايتهم من تمشية [٣٥٨] أمره يوما بيوم.
ثم آلت الحال إلى النظام الذي ذكرته واطّردت الأمور اطرادها المشهور الذي دبّره الأستاذ الرئيس ابن العميد- رحمه الله- أى كفاية كانت له وأى سياسة مشت بين يديه ولكنه- رحمه الله- لما حصل بفارس علّم عضد الدولة وجوه التدابير السديدة وما تقوم به الممالك وصناعة الملك التي هي صناعة الصناعات ولقنه ذلك تلقينا فصادف منه متعلما لقنا وتلميذا فهما، حتى سمع من عضد الدولة مرارا كثيرة أنّ أبا الفضل ابن العميد كان أستاذنا، وكان لا يذكره فى حياته الّا بالاستاذ الرئيس، وربما قال الأستاذ ولم يقل معه الرئيس، ولا يحفظ عليه أنّه ذكره قط بعد موته إلّا بالاستاذ. وكان يعتد