للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض الأسارى واستبقى البعض وانكفأ إلى قرقيسيا ليعالج أخاه من ضربته وظنّ أنّه ينجو فتلف بعد ثلاث [٣٦٩] فأنفذه فى تابوت إلى الموصل واستحكمت العداوة بينه وبين أخيه أبى تغلب.

واختلف باقى الإخوة وتخاذلوا وتنافسوا وكانوا متفرقين فى أعمالهم. فبلغ أبا تغلب أنّ محمدا من بينهم المكنى أبا الفوارس وكان يتولى نصيبين قد كاتب حمدان وعمل على اللحاق به والاجتماع معه عليه فاحتال عليه واستدعاه وأطمعه فى الإحسان والزيادة. فاغترّ محمد وصار إليه فقبض عليه واعتقله فى قلعة أردمشت [١] وضيّق عليه هناك وثقّله بالحديد حتى أطلقه عضد الدولة لمّا ملك تلك الديار [٢] .

وكنت مندوبا لنقل ما فى تلك القلعة من الذخائر مأمونا على ما فيها فجرى ما سأذكره إذا انتهيت إليه.

واستوحش باقى إخوة أبى تغلب لما جرى على أخيهم محمد وأقبل أبو تغلب يستميلهم فخدعهم واحدا واحدا فصاروا إليه بعد أحوال تتقلب بهم سوى أبى طاهر ابراهيم فإنّه لم يسكن إليه ورحل إلى بغداد مستأمنا إلى عزّ الدولة بختيار على طريق دجلة.

وسار أبو تغلب إلى قرقيسيا وأنفذ منها أخاه أبا القاسم هبة الله سريّة فى جيش كثيف إلى الرحبة تقديرا أن يكبس أخاه ويأخذه أسيرا فما أحس به حتى أطلّ عليه فخرج هاربا واتبعه ابنه وطائفة من غلمانه ولحقه هبة الله فابقى عليه حتى نجا.

ثم وقعت [٣٧٠] عليه سريّة للقرامطة كانت سائرة إلى الشام لقتال صاحب المغرب فأرادوا الإيقاع به فتعرف إليهم وكان متعلقا بينهم بذمام فكفّوا له


[١] . أردمشت: قلعة حصينة قرب جزيرة ابن عمر شرقىّ دجلة بجانب الجودىّ.
[٢] . وقصة إطلاقه من القلعة موجودة فى الفرج بعد الشدة ١: ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>