للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدو بالمكايد التي تشبه هذا الابتداء، لا بأن يكون مبدأ التدبير صوابا يشبه الآراء الوثيقة ثم يتبعه باللعب والاشتغال عنه بالعبث وبترك الاستظهار وإهمال الجند حتى تخرق الهيبة وتزول الحشمة ويظهر للعدو عصيان الجند وقلة النظر فى الحرب والتعويل على الجدّ [١] دون الجدّ حتى يطلع على الحيرة والتبلّد ومكان [٣٧٥] العورة والضرورة الداعية إلى مقاربته فى طلب الصلح منه والجنوح إلى السلم بعد النزاع إلى الحرب. فإنّ بختيار عمل فى المبدء ذلك العمل الواحد ثم أتبعه بجميع ما ذكرته وذلك أنّه استطاب التصيد الذي أظهره مكيدة لعدوّه وأقام بالنعمانية شهرا مع عساكره التي علم معها عمران أنّ قصده بهم إيّاه لا غير.

ثم أمر وزيره أبا الفضل أن ينحدر إلى الجامدة وطفوف البطيحة وبنى أمره معه على أن يسدّ أفواه الأنهار ومجاري المياه إلى البطيحة ويعدل بها إلى غيره وأن يبنى مسنّاة عظيمة يمكن سلوك الديلم عليها مشيا إلى معقله وهذا ضد ما بنى عليه أمره فى الابتداء ولا يشبه الحيلة التي تؤدى إلى إرهاق العدوّ ومنعه من الفكر. فإنّ الهجوم والكبس والبيات يتم بالمعاجلة والركض إلى الغاية دون التمهل والأخذ والتدابير البعيدة والأعمال الطويلة.

فلما طالت المدة فى عمل هذه السدود وجرت فى أضعافها وقائع لحقت المدود وغلب الماء والسيل علاج السكور فاحتيج إلى الإمساك عنها والانصراف عن إتمامها إلى حفظ ما عمل منها بالرجال حتى لا يفسدها العدو، لا سيما وعمران متدرب بذلك قد اعتاد فى جميع حروبه أن يمسك عن عدوه حتى ينفق ماله ويكذ رجاله فإذا أحسّ بالمد ومجيء السيول [٣٧٦] احتال فى تخريب ما يبنى له من السكور وإنّما يكفيه إيقاع ثلمة


[١] . الجّدّ: الحظّ. النصيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>