يسيرة فى أحد نواحي السد ثم يحمل الماء فيتولى كفايته فى الهدم والتخريب. فربما أفسد فى ساعة من الليل أو النهار تعب سنة أو نحوها.
وذلك أنّ هذه السدود تكون من قصب وتراب يقام فى وجوه المياه الجاريه عند ضعف جريانها وغاية نقصانها فإذا وردت المياه القوية ومنعت من حدورها كفى منها اليسير من المعونة حتى تنبعث ويدفع بعضها بعضا وربما كان سبب انبثاق الماء نقب فأرة ثم يوسعه الماء وينتهى فيه إلى حيث لا حيلة فى سده. ولما عمل بختيار ووزيره ما ذكرته من السدود وأتى المد كان قصاراهما حفظ ما عمل بالرجال حتى لا يتم لعمران حيلة فى هدمه فعدل عمران عن هدم سكوره إلى الانتقال إلى معقل آخر من معاقل البطيحة ونقل غلّاته وزواريقه وجميع أمتعته إلى هناك. فلما انحسر الماء وجاءت ايام الجفاف من السنة الثانية وجد مكان عمران خاليا منه ولم تكن له آلة يطلبه بها فطلب غلّاته فلم يجد فيها شيئا فانصرف خائبا.
وضجر العسكر من المقام على الشقاء ولم يصبروا على أذيّة البقّ وحرّ الهواء وانقطاع المواد التي ألفوها [١] فشغبوا عليه وتناولوا الوزير بألسنتهم وهموا بالإيقاع به وتحالف الديلم والأتراك [٣٧٧] على التعصب واتفاق الكلمة وأبوا أن يقيموا أكثر مما أقاموا. فاضطر بختيار إلى طلب مصالحته على مال يلتمسه منه- وقد كان هابه فى أول الأمر فبذل له خمسة آلاف ألف درهم- فلمّا طلب هذا المال بعد اضطراب الجند وطول المقام وانقطاع الحيلة امتنع عليه منها وبذل ألفى ألف درهم بوساطة سهل بن بشر كاتب بختكين آزاذرويه وكانت بينه وبين عمران صداقة فنجّم عليه هذا المبلغ ثم تماسك عمران وامتنع من التوثقة بما وافق عليه واقتصر منه على اليمين أيضا