فقال:«انصرف وانظر فى أمرك وادفع النفقة الى أهلك ولا تعرّض أنت لأخذ شيء منها فما بك فى طريقك حاجة إليها.» فخرج شكر وأعطانى عشرين دينارا وانصرفت بها إلى أهلى وذكرت لهم الصورة ووصيّتهم بما أريد.
فلمّا كان من غد آخر النهار وحضر من يستدعينى فصرت معه إلى الدار ووصلت إلى حضرة عضد الدولة بين العشاء والعتمة فقال لى:
- «اخرج فى هذه الساعة مع من نسلّمك إليه إلى مصر فإذا حصلت بها فاقصد باب الجامع وسل عن منير الخادم الأبيض فإنّه يكون هناك يبيع الفراخ المسمنة وهو معروف فإذا رأيته فقل له: صديقك يقرئك السلام.
فسيقوم من موضعه ويمشى فاتبعه إلى منزله فإذا دخلت فانزع ثياب سفرك التي عليك والبس الثياب التي يسلّمها إليك وخذ منه ما تريده لنفسك واقصد بعد ذلك زقاق القناديل فإنّك سترى شيخا حلاويا اسمه كذا ويعرف بكذا فاسئل عنه لتتحقق أنّه هو. ثم اجلس عنده فاذكر له صنعتك [٩٣] ومعرفتك بأمر الحلواء وتوصّل إلى أن تعمل عنده من يومك والزمه وخفّف مؤنتك عليه وإن دعاك الى منزله فامض معه فإذا عملت معه خمسة عشر يوما أو أكثر وعرفك الناس واشتهر عنك جودة الصنعة فاستأجر بإزاء دكانه دكانا وابتع ما تريده من آلة ومتاع واستدع ثمن ذلك من منير الخادم فإنّ زبون الحلاوى سيعدل إليك ويقف أمره ويسئلك الشركة فإذا سألكها فأجبه إليها وشاركه وأقم فيها معه شهرا. ثم أظهر له شوقك الى بغداد والى عيالك الذين بها وصفها عنده وعظّم الكسب بها فى عينه وابعثه على الخروج إليها وعده المواعيد الكثيرة فإن احتجّ عليك بأهله وولده فقل له: معى دنانير وأنا أدفعها إليك لتجعلها نفقة لهم مدة غيبتك عنهم. وأعلمه أنّك تفعل ذلك إيثارا لصحبته وأنّه إذا حصل ببغداد أنزلته دارك وجعلته فى دكانك وأعطيته قسما وافرا من