الربح مما تتجر فيه من مالك فإن أحبّ بعد ما يشاهده المقام أقام وإن آثر العود إلى مصر زوّدته من طريق العراق ما يعود به إلى أهله واجهد فى حمله معك الى حضرتنا واخدم فى ذلك خدمة تحظ [٩٤] بحسن العاقبة فيها وتناول من منير ما تحتاج اليه لنفسك وله واحفظ السر واحترس من حيلة تتمّ عليك واجتز على طريق الموصل فى عودك.» فلمّا سمعت ذلك كلّه قلت:
- «السمع والطاعة وأرجو أن يوفّقنى الله لمّا أهّلت له.» فأخذ شكر بيدي وعدل بى الى موضع ونزعت ثيابي وألبست مبطنة ودفعت الىّ عشرون دينارا وقال:
«هذه نفقة طريقك.» ثم استدعى أعرابيا اسمه حسّان جالسا فى الصحن وسلّمنى اليه وقال له:
- «هذا الرجل فاحفظه وأوصله [١] الى حيث وقفت عليه.» فأخذ الأعرابى بيدي ونزلنا فجلسنا فى سمارية من سماريات النوبة وصعدنا باب خراسان ومشينا الى وجه الجامع فإذا هناك أربعة أجمال ورجلان من العرب وركبا وركب الأعرابى وركبت وسرنا وما زلنا من موضع الى موضع آخر حتى وصلنا إلى مصر فى سبع وعشرين ليلة فحطّنى القوم وقال لى صاحبي منهم:
- «امض فى حفظ الله وهات علامة بوصلك.» فقلت: «العلامة أنّ مولانا قال لى: إذا عدت فخذ على طريق الموصل.» ولا والله ما سألونى من أنا ولا فى أىّ شيء توجّهت.
وقصدت باب الجامع فإذا الخادم الأبيض فسلّمت عليه وقلت له [٩٥] ما