لما قلد الموفق أبو على أبا موسى خواجة بن سياهجنك أعمال كرمان وصرف من صرف من الديلم على السبيل التي قدمنا ذكرها، صار أبو موسى الى جيرفت فتتبع أموال الديلم المبعدين واستثار ودائعهم وطالب حرمهم وأسبابهم وصادرهم وقبض على جماعة الباقين وقتلهم وطردهم وصلب [٤٠] نفسين من وجوه الكتّاب لإنكاره عليهما تصرفهما مع ابن بختيار وأظهر الاستقصاء والغلظة.
واتفق أن نافر طاهر بن خلف خلفا أباه ونازعه الأمر وجرت بينهما حروب أدّت طاهرا إلى الهرب وقصد كرمان ملتجئا إلى بهاء الدولة. فلما دخل المفازة التي بين سجستان وبينها ضلّ الطريق فيها ولحقه ولحق من معه جهد شديد. ثمّ خلص على أسوا حال. ولقيه الديلم الفلّ والمنفيون من أصحاب ابن بختيار فأطمعوه [١] فى أخذ كرمان والتغلب عليها وأعلموه أنّ من وراءهم من الديلم على نفور من بهاء الدولة وكراهية له لما عاملهم الموفّق به وأنّهم وإياهم يجتمعون على طاعته ويخلصون فى مظاهرته.
فصبا إلى ذلك وحدّث نفسه به وعقد عزمه عليه ولم يكن له قدرة على إظهاره مع الشدة التي لاقاها فى طريقه ونزل نرماسير وكتب إلى أبى الفتح عبد العزيز بن أحمد العامل بها وببمّ بأنه ورد منحازا إلى بهاء الدولة وداخلا فى جملته. فتلقاه أبو الفتح بالجميل وحمل إليه ما يحمل إلى مثله من الأنزال وواصله بذلك مدة من الأيام وكان يزيد له ولمن معه فى كلّ يوم اثنى عشر ألف درهم وكتب بخبره إلى أبى موسى خواجة بن سياهجنك وأبى محمد القاسم بن مهدر فروخ.
ثم بدت من طاهر بوادي الفساد ولاحت شواهد سوء الاعتقاد وبلغ ذلك