للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان أبو على بن ثمال قصد المشهد بالغرىّ على ساكنه السلام، وزار وصلّى وتمرّغ على القبر وسأل الله تعالى العون والنصر وقال لأصحابه:

- «هذا مقام الموت والذل بالفشل والخور ومقام الحياة والعز بالثبات والظفر.» فوعدوه المساعدة وبذل نفوسهم فى المدافعة. ورتب صاحب الجيش مصافّه بين يدي بيوت الحلّة وجعل الظهير أبا القاسم فى ميمنته وخسروشاه فى ميسرته ووقف هو فى القلب وبرز النسوان فى الهوادج على الجمال وبين أيديهن الرجالة بالدرق والسيوف. وتقدم أبو على فى الفرسان وصار بيننا وبينه مدا بعيدا ووقع التطارد فلم يكن إلّا كلا ولا، حتى وافتنا الخيل المغنومة مجنونة والرجال المأسورون يقادون والعرب من بنى خفاجة وفى أيديهم الرماح المتدفقة [١] . وأرسل أبو على ابن ثمال الى صاحب الجيش بأن: سر وتقدم إلينا.

فقال له:

- «ما هذا مكان التقدم لمثلي ولا يجوز أن أفارق مصافى وأصحر للخيل فى هذا البرّ.» فراجعة دفعات وهو يجيبه بهذا الجواب حتى قال له أبو على فى آخر قوله:

- «فأنفذ الى جماعة من العجم ليشاهدهم القوم فتضعف نفوسهم ويعلموا أنك وراءنا.» فأنفذ إليه الظهير أبا القاسم فى عدة من فرسان الديلم وأتراك كانوا بالكوفة وخرجوا مع صاحب الجيش فما وصلوا إلى موضع المعركة حتى انهزم بنو


[١] . لعله: المثقفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>