- «يا قوم تخلونى وتخلون هذه البلاد وقد نزلناها وأخذناها بالسيف وصارت لنا طعما ومعايش.» فقالوا: «نريد المال والعوض عن إسلام النفوس للرماح والسيوف.» ولم يزل هو والظهير بهم حتى رجعوا على أن يفسح لهم فى نهب النواحي عوضا عن العطاء والإحسان واستعملوا من ذاك ما جرت عادتهم به وعظمت المعرّة منهم.
وبرز صاحب الجيش الى الموضع المعروف بالسبيع من ظاهر الكوفة وأراد أن يجعل انتظاره لبنى عقيل ولقاءه لهم فيه. فقال له ابو على بن ثمال:
- «يا صاحب الجيش قد أسأنا معاملة أهل البلد وثقّلنا الوطأة عليهم وهم كارهون لنا وشاكون منّا، ومتى كانوا فى ظهورنا عند وقوع الحرب لم نأمن ثورتهم من ورائنا ومعاونتهم لأعدائنا علينا. والصواب أن نجعل بيننا وبينهم بعدا.» فساروا ونزلوا فى القرية المعروفة بالصابونية على فرسخين من الكوفة ومع أبى على بن ثمال نحو سبعمائة فرس ومع صاحب الجيش أبى جعفر نحو العدة من الديلم.
ولما خرج صاحب الجيش الى هذا الموضع لم يتبعه من الديلم إلّا دون ثلاثمائة رجل وتأخر الباقون عنه وطالبوه بالمال وإطلاقه لهم، وقد كان عميد الجيوش وأبو القاسم ابن مما راسلاهم وأفسداهم [٨٧] فردّ أبو جعفر الظهير أبا القاسم إليهم حتى أخرج اكثر المتأخرين لأنهم استحيوا منه وتذمّموا من الامتناع عليه.
وورد بنو عقيل فى سبعة آلاف رجل بالعدد والمنجانيقات والأسلحة والقزاغندات، وطلعت راياتهم وضربت بوقاتهم ودبادب مواكبهم وزحفوا كما تزحف السلطانية.