للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «جاءني البارحة أبو على ابن الموصلية ورأيته على صورة يرحم فى مثلها الأعداء فضلا عن الخدم والأولياء وله عليك حقوق وإنما أعدّها لمثل هذا الوقت ومتى لم [١] تخلصه وتلطف فى أمره هلك فى وقوعه واستتاره.

فقال لى:

- «لو كنت غائبا عن هذه الأمور لعذرتك. فاما وأنت حاضرها فلا عذر لك.» فراجعته وقال لى:

- «أنت تلقى عميد الجيش دائما وهو يميل إليك ويتوفّر عليك فخاطبه وتحمل رسالة عنّى بما تورده عليه.» فسررت بذلك وظننت أننى سأبلغ الغرض به ودخلت إلى عميد الجيوش فى آخر نهار وهو خال. فخاطبته فى أمر ابن الموصلية ورققته وسألته كتب الأمان له. فقال: أفعل. وتبسّم. ثم قال لى:

- «لست عندي فى منزلة من أعده ثم أخلفه وأقرر معه ما يقتضيه وأنا أصدقك عما فى نفسي. ليس لهؤلاء الأشرار عندي أمان ولا أرى استبقاءهم على كلّ حال. فإن أردت أن تتنجز الأمان على هذا الشرط فما أمنعك بعد أن يكون [٢] على بينة من رأيى واعتقادي.» فقبلت الأرض بين يديه وشكرته على صدقه فيما صدقنى عنه ورجعت الى أبى القاسم فعرّفته بما جرى فقال:

- «قد كنت أعلمه وإنما أحببت أن تشركني فيه وتسمعه بغير إسناد منّى وربما اتهمته.» وعاد إلى ابن الموصلية من بعد فى مثل الوقت الذي قصدني أوّلا فيه.


[١] . وفى الأصل تحصله.
[٢] . ولعلّه: تكون.

<<  <  ج: ص:  >  >>