للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «ناهدهم ولا تخف وكاثرهم.» فردّوا جميعا عليه رأيه، وقالوا: [١]- «إنما نناطح الجدران.» وتكلّم طليحة فقال:

- «قد قالا ولم يصيبا تفسير ما أرادا. فأمّا أنا فأرى أن تبعث خيلا مؤدية [٢] فيحدقوا بهم، ثمّ يرموهم لينشبوا القتال ويحمشوهم، فإذا استحمشوهم واختلطوا بهم [٤٢٩] وأرادوا الخروج أرزوا إلينا استطرادا، فإنّا لم نستطرد لهم في طول ما قاتلناهم إلى اليوم، فإنّهم إذا أرادوا ذلك طمعوا في هزيمتنا ولم يشكّوا فيها، وخرجوا، فجادّونا، وجاددناهم حتى يقضى الله بيننا.» فأمر النعمان بن عمرو، وكان على المجرّدة بذلك، ففعل، وأنشب القتال بعد احتجاز من العجم، وأنغضهم. فلمّا خرجوا نكص، ثم نكص، واغتنمها العجم.

ففعلوا كما ظنّ طليحة، وقالوا: «هي، هي» [٣] . فخرجوا، فلم يبق أحد إلّا من يقوم لهم على الأبواب، وجعلوا يركبونهم حتى أرز القعقاع إلى الناس وانقطع القوم عن حصنهم بعض الانقطاع والنعمان بن مقرّن والمسلمون على تعبئتهم.

وفي يوم جمعة وفي صدر النهار، وقد عهد النعمان عهده وقال: إن أصبت ففلان، فإن أصيب ففلان. وأمرهم أن يلزموا الأرض ولا يقاتلوا حتى يأذن لهم.

ففعلوا واستتروا [٤] بالحجف [٥] من الرمى، وجعل المشركون يرمونهم حتى أفشوا فيهم الجراحات، وشكا بعض الناس ذلك [٤٣٠] إلى بعض ثم قالوا للنعمان:


[١] . في الأصل: «قال» فصححناه كما في مط.
[٢] . في الأصل ومط: موذنة. آذن فلانا: أعلمه. وآذن الولد: عرك أذنه. وما أثبتناه عن الطبري (٥: ٢٦٢١) وهو الصحيح. آدى إيداءا: قوى وتهيأ، أو: تسلح بشكّة السلاح (متن اللغة) أى بالسلاح التامّ.
[٣] . كذا في الأصل. وما في الطبري غير مشكول، وفي حواشيه: «هي هيه» (٥: ٢- ٢٦٢١) .
[٤] . مط: واستقرّوا.
[٥] . والحجفة: المجنّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>