للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «ألا ترى ما نحن فيه؟ ائذن لنا في الحملة.» فقال لهم النعمان: «رويدا رويدا.» قالوا ذلك مرارا، فأجابهم بمثل ذلك.

فقال المغيرة: «لو إلىّ هذا الأمر، علمت ما أصنع.» فقال: رويدا، ترى [١] أمرك وقد كنت تلى الأمر فتحسن، فلا يخذلنا الله ولا إيّاك، ونحن نرجو في المكث مثل ما ترجو في الحثّ.» وانتظر النعمان أحبّ الأوقات كان إلى رسول الله- صلى الله عليه.

فلمّا كان قريبا من تلك الساعة وهي الزوال، سار فوقف على الرايات، ومدحهم، وحضّهم. ثمّ عاد إلى موقفه [٢] ، وكبّر الأولى والثانية والثالثة والناس على غاية السمع والطاعة. وحمل النعمان والناس معه، فالتقوا بالسيوف، فاقتتلوا قتالا شديدا لم يسمع السامعون بوقعة قطّ كانت أشدّ منها، لا يوم القادسية لا غيرها مما تقدّم، قتلوا فيها من الفرس فيما بين الزوال والإعتام ما طبّق أرض المعركة وما يزلق فيه الناس والدواب، وزلق بالنعمان فرسه وصرع، فأصيب.

وتناول [٤٣١] الراية أخوه نعيم بن مقرّن، وسجّى النعمان بثوب، وأتى [٣] حذيفة بالراية، وكان عهد إليه بعده، فأقام اللواء. وقال المغيرة:

- «اكتموا مصاب أميركم حتى تنظروا ما يصنع الله فينا لكيلا يهن الناس، واقتتلوا.» فلما أظلم الليل انكشف المشركون، وتركوا قصدهم، وأخذوا نحو اللهب [٤] الذي كانوا نزلوا دونه بإسبيذهان. فوقعوا فيه، وجعل لا يهوى فيه أحد إلّا قال:


[١] . مط: نرى. وفي الطبري أيضا: ترى (٥: ٢٦٢٢) .
[٢] . كذا في مط: موقفه، والميم في الأصل مطموسة.
[٣] . ما في الأصل ومط غير واضح، فأثبتناه حسب الطبري (٥: ٢٦٢٥) .
[٤] . اللهب: الفرجة والمهواة بين الجبلين أو الصدع في الجبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>