للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: «لكنّا لا نرضى منهم بذلك حتى نأتيهم في ديارهم. والله إنّ معنا لأقواما لو يأذن لنا أميرنا في الإمعان لبلغت بهم الروم.» قال: «وما هم؟» قال: «قوم صحبوا رسول الله- صلى الله عليه- ودخلوا في هذا الأمر بنيّة، كانوا أصحاب حياء وتكرّم في الجاهلية، فازداد حياؤهم وتكرّمهم، فلا يزال هذا الأمر دائما لهم، ولا يزال النصر معهم حتى يغيّرهم أمر، أو يلفتوا عن حالهم بمن يغيّرهم.» فغزا بلنجر- غزاه في زمن عمر- لم تئم فيها امرأة، ولا يتم فيها صبىّ. وبلغت خيله البيضاء على رأس مائتي فرسخ من بلنجر، ثم غزا فسلم أيضا، وغزا [غزوات] [١] في زمن عثمان، وأصيب عبد الرحمن حين تبدّل أهل الكوفة في إمارة عثمان، لما استعمل من كان ارتدّ واستعان بهم، فساد من طلب الدنيا، وعضّلوا بعثمان حتى كان يتمثل:

وكنت وعمرا [٢] كالمسمّن كلبه ... فخدّشه أنيابه وأظافره [٤٤٣]

وكان عبد الرحمن بن ربيعة لما غزا الترك، قالوا:

- «ما اجترأ علينا هذا الرجل إلّا ومعهم الملائكة يمنعهم من الموت» .

فتحصّنوا منه، وهربوا. فرجع بالغنم.

فلمّا كان بعد ذلك غزا تلك الغزوات الأخر على تلك العادة، حتى إذا كان في زمن عثمان بعد السنين الستّ منه، غزا غزوة. وكان من الترك طائفة في الغياض مختفين، فرمى رجل منهم مسلما على غرّة، فقتله وهرب عنه أصحابه، فتجاسروا


[١] . تكملة من الطبري.
[٢] . في الأصل: وكنت وعمرو. في مط: وكتب عمرو! فصححناه كما في الطبري (٥: ٢٦٦٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>