للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما عمارة، فلمّا صار بزبالة، لقيه طليحة بن خويلد، وكان خرج يطلب بدم عثمان. وقال له:

- «ارجع، فإنّ الناس لا يريدون بأميرهم بدلا، وإن أبيت ضربت عنقك.» فرجع وهو يقول: «أحرز الخطر ما تماسّك الشرّ خير من شرّ منه» [١]- فصار مثلا.

وعلقه عمار بن ياسر إلى أن قتل.

وانطلق عبيد الله بن عباس إلى اليمن. فجمع يعلى بن أميّة كلّ ما كان جباه، وخرج وسار على حاميته إلى مكة، فقدمها بالمال.

فدعا علىّ طلحة والزبير فقال:

- «إنّ الذي كنت أحدّثكم به قد وقع، وإنّما هي فتنة كالنار، كلما سعّرت ازدادت واستثارت.» فقالا له: «ائذن لنا نخرج من المدينة.» فقال: «سأمسك الأمر ما استمسك، فإذا لم أجد بدّا فآخر الداء الكىّ.» وكتب إلى أبى موسى، وهو بالكوفة، وإلى معاوية، وهو بالشام. فأمّا أبو موسى فكتب إليه بطاعة أهل الكوفة، وبيّن الكاره منهم لما كان، والراضي بما كان، حتى كان علىّ على الواضحة [٢] من أمر أهل الكوفة. [٥١٧] وأمّا معاوية فلم يكتب بشيء، ولم يجب الرسول، وجعل يردّده. وكان كلّما تنجّزه تمثّل بشعر [٣] لا يحصل منه على بيّنة، حتى أحكم أمر نفسه، وواطأ من أراد. وأتى على الرسول ثلاثة أشهر. ثم دعا بأحد ثقاته، ووصاه، ودفع طومارا مختوما إليه، عنوانه: «من معاوية إلى علىّ.»


[١] . وفي الطبري: احذر الخطر ما يماسّك الشرّ خير من شرّ منه (٦: ٣٠٨٨) .
[٢] . كذا في مط: الواضحة، وفي الطبري (٦: ٣٠٨٩) : «المواجهة» .
[٣] . تجد الشعر عند الطبري (٦: ٣٠٩٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>