وقال:«إذا دخلت المدينة فاقبض على أسفل الطومار ليقرأ الناس العنوان.» ثم أوصاه بأشياء يفعلها، ويقولها، وسرّح رسول علىّ معه.
فلما دخلا المدينة رفع رسول معاوية الطومار، فتفرّق الناس إلى منازلهم وقد علموا أنّ معاوية ممتنع، ومضى الرسول حتى دخل على علىّ، فدفع إليه الطومار، ففضّ خاتمه، فلم تجد في جوفه كتابا.
فقال للرسول:«ما وراءك؟» قال: «آمن أنا؟» قال: «نعم، لعمري إنّ الرسل لآمنة.» قال: «ورائي أنى تركت قوما لا يرضون إلّا بالقود.» قال: «ممن؟» قال: «من خيط رقبتك، ولقد تركت ستين شيخا يبكى تحت قميص عثمان وهو منصوب لهم، قد ألبسوه منبر دمشق.» فقال: «منى يطلبون دم عثمان، ألست موتورا [٥١٨] كترة عثمان؟ اللهمّ إنّى أبرأ إليك من دم عثمان، نجا والله قتلة عثمان إلّا أن يشاء الله، فإنّه إذا أراد أمرا أمضاه، اخرج.» قال: «وأنا آمن؟» قال: «وأنت آمن.» فخرج وصاحب السبائية واقف، فقالوا:
- «هذا الكلب وافد الكلاب، اقتلوه.» فنادى: «يا آل مضر، يا آل قيس [١] ، الخيل والنبل! أحلف بالله ليردّنّها عليكم أربعة آلاف خصىّ، فانظروا كم الفحولة والركّاب.»
[١] . وضبط في الطبري: يال مضر، يال قيس (يا آل مضر، يا آل قيس) وفي الأصل: يا لمضر، يا لقيس، فأرجعنا الرسم إلى أصله.