للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمّ قال:

- «عزّ، والله، على عمّك أن تدعوه، فلا يجيبك، أو يجيبك، ثمّ لا ينفعك.» ثمّ احتمله، فكأنى أنظر إلى رجلي الغلام يخطّان فى الأرض، وقد وضع الحسين صدره على صدره.

قال: فقلت فى نفسي: ما يصنع به؟ فجاء به حتّى ألقاه مع ابنه علىّ بن الحسين والقتلى حوله من أهل بيته، فسألت عن الغلام، فقيل لى: القاسم بن الحسين بن علىّ بن أبى طالب- صلوات الله على جميعهم.

ومكث الحسين طويلا من النهار، وكلما انتهى إليه رجل انصرف عنه وكره أن يتولّى قتله، حتّى أتاه مالك بن النسير، فضربه على رأسه بالسيف، فقطع برنس خزّ كان عليه، وأدمى رأسه، فألقى ذلك البرنس، ودعا بقلنسوة، فلبسها واعتمّ، وكان قد أعيا وبلّد [١] ، ولم يبق له قوّة، وجهده العطش. فدنا إلى الماء ليشربه، فرماه حصين بن تميم بسهم، فوقع فى فمه يتلقّى الدم من فيه، فيرمى به إلى السماء. ثمّ حمد الله وأثنى [١١٣] عليه، ثمّ جمع يده وقال:

- «اللهمّ أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تذر منهم أحدا.» ثمّ أقبل إليه شمر بن ذى الجوشن فى نحو من عشرة من رجّالة أهل الكوفة، وطلب منزل الحسين الذي فيه ثقله. فمشى نحوهم [٢] ، فحالوا بينه وبين رحله.

فقال الحسين:

- «ويلكم! إن لم يكن لكم دين، فكونوا فى دنياكم أحرارا، امنعوا أهلى من طغامكم وجهّالكم.» قال ابن ذى الجوشن:


[١] . كذا فى الأصل: بلّد. والضبط فى الطبري (٧: ٣٥٩) : وبلّد. والصحيح ما فى الأصل: بلّد: فتر فى العمل وقصّر. سقط إلى الأرض من الضعف. وفى مط: نكد، وهو تصحيف.
[٢] . فى الطبري (٧: ٣٦٢) : نحوه، فى حاشيته: نحوهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>