- «إنّ هؤلاء الرؤوس الذين وضعهم ابن مطيع فى الجبابين، يمنعون إخواننا أن يأتونا ويضيّقون عليهم، فلو أنّى خرجت بمن معى حتّى آتى قومي فيأتينى كلّ من بايعنى منهم، ثمّ سرت بهم فى نواحي الكوفة، ودعوت بشعارنا، فخرج إلىّ من أراد الخروج إلينا، ومن قدر على إتيانك من الناس، فمن أتاك من الناس حبسته عندك إلى من معك، ولم تفرّقهم، فإن عوجلت وأتيت، كان معك من تمنع به، وأنا لو قد فرغت من هذا الأمر عجلت إليك فى الخيل والرجال.» قال له:
- «فاعجل، [١٩١] وإياك أن تسير إلى أميرهم تقاتله، ولا تقاتل أحدا وأنت تستطيع ألّا تقاتل، واحفظ ما وصّيتك به، إلّا أن يبدأك أحد بقتال.» فخرج إبراهيم بن الأشتر من عنده فى الكتيبة التي أقبل فيها حتّى أتى قومه، فاجتمع إليه جلّ من كان بايعه وأجابه. ثمّ إنّه سار بهم فى سكك الكوفة طويلا وهو يتجنّب السكك التي فيها الأمراء حتّى انتهى إلى مسجد السّكون. فعجلت إليه خيل لزحر [١] بن قيس، فشدّ عليهم إبراهيم وأصحابه، فكشفوهم حتّى انتهوا إلى زحر بن قيس، فانصرف عنهم وركب بعضهم بعضا كلّما لقيهم زقاق دخل فيه منهم طائفة، فانصرفوا يسيرون، ثمّ خرج إبراهيم يسير حتّى انتهى إلى جبّانة أثير، فوقف فيها طويلا ونادى أصحابه بشعارهم. فبلغ سويد بن عبد الرحمن المنقري مكانهم فى جبانة أثير، فرجا أن يصيبهم فيحظى بذلك عند ابن مطيع، فلم يشعر ابن الأشتر إلّا وهم معه فى الجبّانة.
فلما رأى ذلك ابن الأشتر قال لأصحابه:
[١] . زحر بالحاء المهملة: كذا فى الأصل والطبري (٨: ٩٦٥٢) وما فى مط: زجر، بالجيم المعجمة.