للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إبراهيم يمشى [١] ، وقال للناس:

- «ازحفوا.» فزحف الناس معه رويدا رويدا حتّى أشرف على تلّ عظيم مشرف على القوم، فجلس عليه، وإذا أولئك لم يتحرّك منهم أحد بعد [٢٤٣] فدعا ابن الأشتر بفرس له فركبه، ثمّ مرّ بأصحاب الرايات، فكلما مرّ على راية وقف عليها وقال:

- «يا أنصار الدين وشيعة الحقّ وشرطة الله! هذا عبيد الله بن مرجانة قاتل الحسين بن علىّ ابن فاطمة بنت رسول الله، صلّى الله عليهم، حال بينه وبين بناته ونسائه وشيعته، وبين الفرات أن يشربوا منه وهم ينظرون إليه، ومنعه أن يأتى ابن عمّه فيصالحه، ومنعه أن ينصرف إلى رحله وأهله، ومنعه الذهاب فى الأرض العريضة، حتّى قتله وقتل أهل بيته، قد جاءكم الله به، وجاءه بكم. وو الله إنّى لأرجو أنه ما جمع بينكم فى هذا الموطن وبينه، إلّا ليشفى صدوركم، ويسفك دمه على أيديكم.» وسار فى ما بين الميمنة والميسرة، فرغّبهم فى الجهاد، وحرّضهم على القتال.

ثمّ رجع حتّى نزل تحت رايته، وزحف القوم إليه، وقد جعل ابن زياد على ميمنته الحصين بن نمير السكوني [٢] ، وعلى ميسرته عمير بن الحباب وشرحبيل بن ذى الكلاع على الخيل، وهو يمشى فى الرجال.

فلما تدانى الصفّان حمل الحصين بن النمير فى ميمنة أهل [٢٤٤] الشام على ميسرة أهل الكوفة وعليها علىّ بن مالك الجشمي، فثبت له هو بنفسه، فقتل، ثمّ أخذ رايته قرّة بن علىّ، فقتل أيضا فى رجال أهل الحفاظ، وانهزمت الميسرة، فأخذ الراية عبد الله بن ورقاء السلولىّ، فاستقبل المنهزمين وقال:

- «يا شرطة الله، إلىّ إلىّ.»


[١] . يمشى: كذا فى مط والطبري. وفى الأصل: يمسي (بالسين المهملة) فأعجمناها.
[٢] . فى مط: الشكونى.

<<  <  ج: ص:  >  >>