للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «إى والله وألف.» فلما كان يوم الثلاثاء، وقد أخذت علينا الأبواب، أذّن المؤذّن فصلّى بأصحابه، وقرأ ن وَالْقَلَمِ ٦٨: ١ [١] [٣٠٣] حرفا حرفا، ثمّ سلّم وقام وحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال:

- «اكشفوا وجوهكم حتّى أنظر.» وعليهم المغافر والعمائم. فكشفوا وجوههم فقال:

- «يا آل الزبير، لو طبتم لى نفسا عن أنفسكم كنّا أهل بيت من العرب اصطلمنا، لم تصبنا ربّانيّة [٢] . أما بعد، يا آل الزبير، فلا يرعكم وقع السيوف، فإنى لم أحضر موطنا قطّ إلّا ارتثثت [٣] فيه بين القتلى، وما أجد من دواء جراحها أشدّ مما أجد من ألم وقعها. صونوا سيوفكم كما تصونون وجوهكم، لا أعلم امرأ كسر سيفه واستبقى نفسه، فإنّ الرجل إذا ذهب سلاحه فهو كالمرأة. غضّوا أبصاركم عن البارقة، وليشغل كلّ امرئ منكم قرنه، ولا يلهينّكم السؤال عنى. فلا تقولنّ:

أين عبد الله بن الزبير؟ ألا [٤] من كان سائلا فإنّى فى الرعيل الأول. احملوا على بركة الله.» ثمّ حمل حتّى بلغ الحجون، فرمى بآجرّة، فأصابت فى وجهه، فأرعش لها، ودمى وجهه. فلما وجد سخونة الدم تسيل على وجهه ولحيته، قال:

فلسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا تقطر الدّما [٣٠٤]


[١] . س ٦٨ القلم: ١.
[٢] . ربّانيّة: كذا فى الأصل. سقطت من مط من قوله: «لو طبتم» إلى: «أما بعد» فسقطت كلمة «ربانيّة» أيضا.
وفى الطبري (٨: ٨٥٠) : زبّاء بتّة. وفى حاشيته: ربانيّة، زبّاء بتّة.
[٣] . ارتثثت: كذا فى الأصل. وفى مط: ارتثت. وفى الطبري: «ارتثت فيه من القتلى» بدل: ارتثثت فيه بين القتلى.
[٤] . فى الأصل: إلّا. فأثبتناها: ألا، كما فى مط والطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>