- «ما تنظرون يا هؤلاء؟ فو الله، لئن صبّحوكم إنه لهلاككم.» فقالوا:
- «مرنا بأمرك.» فقال لهم:
- «بايعوني إن شئتم، أو من شئتم منكم، ثمّ اخرجوا بنا حتّى نشدّ عليهم فى عسكرهم [٣٢٨] فإنّهم آمنون منكم، فإنّى أرجو أن ينصركم الله.» قالوا:
- «فابسط يدك.» فبايعوه. فلما جاءوا إلى الباب وجدوه جمرا، فأتوا باللبود، فبلّوها بالماء، ثمّ ألقوها عليه، وخرجوا، ولم يشعر الحارث بن عميرة إلّا وشبيب وأصحابه يضربونهم بالسيوف فى جوف عسكرهم. فضارب الحارث حتّى صرع، واحتمله أصحابه وانهزموا وخلّوا لهم العسكر وما فيه، ومضوا حتّى نزلوا المدائن. وكان ذلك الجيش أول جيش هزمه شبيب.
فأما صالح بن مسرّح فإنّه أصيب من سنة كما حكينا من أمره، ثمّ ارتفع فى أدانى أرض الموصل، ثمّ ارتفع نحو آذربيجان يجبى الخراج.
وكان سفيان بن أبى العالية قد أمر أن يدخل فى خيل معه طبرستان، فأمر بالقفول، فصالح صاحب طبرستان، وأقبل فى نحو من ألف، وورد عليه كتاب الحجّاج:
- «أما بعد، فأقم بالدسكرة فى من معك حتّى يأتيك جيش الحارث بن عميرة من ذى الشغار، وهو الذي قتل صالح بن مسرّح، ثمّ سر إلى شبيب حتّى تناجزه.» ففعل سفيان ذلك ونزل الدسكرة، ونودى فى جيش الحارث بن عميرة بالكوفة [٣٢٩] والمدائن:
- «برئت الذمّة من رجل من جيش الحارث بن عميرة لم يواف ابن العالية بالدسكرة.» قال: فخرجوا حتّى أتوه، وارتحل سفيان فى طلب شبيب، ثمّ ارتفع عنهم كأنه