للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبنوا له قبّة وبات فيه. ثمّ أصبح وخرج بالناس، فاستقبلهم ريح شديدة وغبرة.

فصاح الناس إليهم وقالوا:

- «ننشدك الله أن تخرج بنا فى هذا اليوم، فإنّ الريح علينا.» فأقام ذلك اليوم، وكان شبيب يخرج إليهم. فلما رءاهم لم يخرجوا إليه أقام.

فلما كان من الغد خرج عثمان يعبّئ الناس على أرباعهم، وسألهم:

- «من كان على ميمنتكم وميسرتكم؟» قالوا:

- «كان خالد بن نهيك بن قيس الكندي على ميسرتنا، وعقيل بن شدّاد السلولي كان على ميمنتنا.» فقال لهما:

- «قفا مواقفكما التي كنتما بها، فقد ولّيتكما المجنّبتين، فاثبتا ولا تفرّا، فو الله لا أزول حتّى تزول نخيل راذان عن أصولها.» فقالا:

- «فنحن والله الذي لا إله إلّا هو، لا نفرّ حتّى نظفر أو نقتل.» فقال لهما:

- «جزاكما الله خيرا.» ثمّ أقام حتّى صلّى بالناس الغداة، ثمّ خرج بالخيل، ونزل يمشى فى الرجال.

وخرج شبيب وهو يومئذ فى مائة [٣٦١] وأحد وثمانين رجلا. فقطع إليهم النهر، وكان هو فى ميمنة أصحابه، وجعل على ميسرته سويد بن سليم، وجعل فى القلب مصادا أخاه، وزحفوا. وكان عثمان بن قطن يقول فيكثر:

- «لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل، وإذا لا تمتّعون إلّا قليلا [١] ثمّ قال شبيب لأصحابه:

- «إنّى حامل على ميسرتهم مما يلي النهر، فإذا هزمتها فليحمل صاحب ميسرتى على ميمنتهم، ولا يبرح صاحب القلب حتّى يأتيه أمرى.»


[١] . س ٣٣ الأحزاب: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>