- «أما بعد، فإنّى أخبر الأمير، أصلحه الله، أنّ عبد الرحمان بن محمد بن الأشعث قد حفر جوخى كلّها خندقا واحدا، وخلّى شبيبا، وكسر خراجها، فهو يأكل أهلها. والسلام.» وكتب إليه الحجّاج:
- «قد فهمت ما ذكرت، وقد- لعمري- فعل عبد الرحمان غير مرضىّ، فسر إلى الناس، فأنت أميرهم، وعاجل المارقة حتّى تلقاهم.» وبعث الحجّاج إلى المدائن مطرّف بن المغيرة بن شعبة، وخرج عثمان حتّى قدم على عبد الرحمان ومن معه وهم معسكرون على نهر حولايا قريبا من البتّ وذلك يوم التروية عشاء. فنادى الناس وهو على بغله:
- «أيها الناس، أخرجوا إلى عدوّكم.» فوثب إليه الناس فقالوا:
- «ننشدك الله، هذا المساء قد غشينا، والناس لم يوطّنوا أنفسهم على القتال.
فبت الليلة، ثمّ اخرج على تعبئة.» فجعل يقول:
- «لأناجزنّهم، فلتكوننّ الفرصة لى أولهم.» فأتاه عبد الرحمان، فأخذ بعنان بغلته وناشده الله لما نزل، وقال له عقيل بن شدّاد السلولي:
- «إنّ الذي تريد من مناجزتهم الساعة، أنت فاعله غدا وهو خير لك وللناس.
[٣٦٠] إنّ هذه ساعة ريح [١] وغبرة وقد أمسيت، فانزل، ثمّ ابكر بنا غدوة.» فنزل، فسفت عليه الريح، وشقّ عليه الغبار، ودعا صاحب الخراج العلوج،