للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- «اكفنى الميسرة.» فقال:

- «أنا شيخ كبير. غايتي أن أثبت تحت رايتي..» وكان يومئذ على ثلث بنى تغلب.

- «.. أما تراني لا أستطيع القيام، إلّا أن أقام؟ وأخى نعيم بن عليم وهو ذو جزء [١] وغناء.» فبعثه على ميسرته، وبعث حنظلة بن الحارث، ابن عمّ عتّاب وشيخ أهل بيته على الرجّالة، وبعث معه ثلاثة صفوف فيه الرجّالة معهم السيوف، وصفّ هم أصحاب الرماح، وصفّ فيه المرامية. ثمّ سار بين الميمنة والميسرة، ويمرّ بأهل راية راية، فيحثّهم على الصبر ويقصّ عليهم. وقال فى ما حفظ من كلامه:

- «إنّ أعظم الناس نصيبا فى الجنة الشهداء، وليس الله لأحد من خلقه بأحمد منه للصابرين. ألا ترون أنه يقول: اصْبِرُوا، إِنَّ الله مَعَ الصَّابِرِينَ ٨: ٤٦ [٢] » ؟ وليس [٣٧٢] الله لأحد أمقت منه لأهل البغي. ألا ترون أنّ عدوّكم هذا يستعرض المسلمين بسيفه. لا يرون ذلك إلّا قربة لهم عند الله، فهم شرار أهل الأرض وكلاب أهل النار. أين القصّاص؟» قال ذلك مرارا، فلم يجبه أحد منّا. فلما رأى ذلك، قال:

- «أين من يروى شعر عنترة؟» قال: فلا والله ما ردّ عليه أحد كلمة. فقال:

- «إنّا لله، كأنّى بكم قد فررتم عن عتّاب، وتركتموه تسفى فى استه الريح.» ثمّ أقبل حتّى جلس فى القلب معه زهرة بن حويّة جالس وعبد الرحمان بن محمد بن الأشعث.

وأقبل شبيب وهو فى ستمائة وقد تخلّف عنه من الناس أربعمائة، فقال:


[١] . ذو جزء: كذا فى الأصل. وما فى مط: ذو حر! والجزء: الكفاية. وفى الطبري (٨: ٩٥٠) : ذا حزم وعزم وغناء.
[٢] . س ٨ الأنفال: ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>