للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلمت، فاقطع هذه النّطفة واجعلها وراء ظهرك.» فأمر بهما، فوجئت رقابهما وأخرجا من العسكر، وأقام يومه.

فلمّا كان من الغد ارتحل وفى النّهر ثلاثة وعشرون موضعا يخوضه النّاس، وموضع فيه مجتمع ماء يبلغ دفّتى السّرج. فخاضه النّاس. وأمر أن يحمل كلّ رجل شاة، وحمل هو نفسه شاة.

وقال له غسّان بن عبيد الله [٩١] بن مطرّف بن الشّخّير [١] :

- «أيها الأمير، إنّ الّذى أنت فيه من حمل الشّاء، ليس له خطر، وقد فرّقت النّاس، وشغلتهم وأظلّك عدوّك، فدع هذه الشّاء لعنة الله عليها ومر النّاس بالاستعداد.» فقال أسد:

- «والله، لا يعبر رجل ليس معه شاة حتّى تفنى هذه الغنم، الفارس يحملها بين يديه، والرّاجل على عنقه.» وخاض النّاس.

فلمّا حفرت سنابك الخيل النّهر، صار بعض المواضع مخائض يقع فيها الرجل. فأمر أسد بالشّاء أن تقذف ويخوضوا. فما استتمّ النّاس العبور حتّى طلعت عليهم التّرك بالدّهم، فقتلوا من لم يقطع النّهر، وجعل النّاس يقتحمون، وركب أسد إلى النّهر، وأمر بالإبل أن يقطع بها النّهر حتّى يحمل عليها الأثقال. وأقبل رهج من ناحية الختّل، فإذا خاقان. فلمّا توافى معه صدر من جنده حمل على الأزد وبنى تميم، وكانوا على مسلحة خلّفهم أسد على الضّعفة من النّاس.

فلمّا حمل عليهم خاقان انكشفوا، وركض أسد حتّى انصرف إلى عسكره،

و


[١] . الشخير: كذا فى الأصل: الشخير. فى الطبري (٩: ١٥٩٧) : الشّخّير. فى مط: السحر.
فى آ: الشخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>