للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتهدّدهم بإظهار إسرارهم وخذهم بلسانك وخوّفهم العواقب لعل الله أن يرد عليهم ما قد عزب [١] من أحلامهم فإنّ فيما سعوا فيه تغيّر النعم وذهاب الدولة فعاجل الأمر وحبل الألفة مشدود والناس سكون والثغور محفوظة وقد أمّل القوم فى الفتنة أملا لعلّ أنفسهم تهلك دون ما أمّلوا ولكلّ أهل بيت مشائيم يغيّر الله بهم النعمة فأعاذك الله من ذلك وحفظ عليك دينك.» فأعظم سعيد ذلك وبعث بكتابه إلى العبّاس فأعاد العبّاس موعظة يزيد [١٨١] وتهديده وقال:

- «يا أخى أخاف أن يكون بعض من حسدنا على هذه النعمة أراد أن يغرى بيننا.» وحلف له أنّه لم يفعل. فصدّقه.

فلمّا اجتمع ليزيد أمره وهو متبدّ أقبل إلى دمشق وبينه وبينها أربع ليال متنكّرا فى سبعة على حمر وكان أهل دمشق قد بايعوا ليزيد سرّا، إلّا معاوية بن مصاد وكان سيّد أهل المزّة، وبين المزّه وبين دمشق ميل.

فمضى يزيد من ليلته ما شاء فى نفير من أصحابه إلى مزّة فأصابهم مطر شديد فأتوا منزل معاوية فضربوا بابه ففتح لهم فلمّا رأى يزيد قال:

- «إلى الفراش أصلحك الله.» قال:

- «إنّ فى رجلي طينا وأكره أن أفسد بساطك.» قال:

- «إنّ الذي تريدنا عليه أفسد.» وكلّمه يزيد، فبايعه، ورجع يزيد إلى دمشق ونزل دار سليمان بن سعيد


[١] . عزب من أحلامهم: كذا فى الأصل. فى آ: عزب من أخلاقهم. فى الطبري (٩:
١٧٨٦) : عزب من دينهم وعقولهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>