شاطئ دجيل فى ناحية مدينة الأهواز وكان محمّد بن حصين يطلبه فقال يوما:
إنّ أمير المؤمنين كتب إلىّ يخبرني أنّ المنجمين يخبرونه أنّ إبراهيم نازل فى جزيرة بين نهرين [٤٣٩] وقد اعتزمت أن أطلبه غدا فى المدينة لعلّ أمير المؤمنين يعنى بين دجيل والمسرقان.
قال: فأتيت إبراهيم وقلت:
- «أنت غدا مطلوب فى هذه الناحية.» قال: فأقمت معه يومى، فلمّا غشيني الليل خرجت به حتّى أنزلته فى دشت أربك دون الكثّ ورجعت من ليلتي، فأقمت أنتظر محمّدا أن يغدو فى طلبه فلم يفعل، فتصرّم النهار كلّه وطفّلت الشمس فخرجت حتّى جئت إبراهيم فأقبلت به فوافينا المدينة مع العشاء الآخرة، ونحن على حمارين، فلمّا دخلنا المدينة فصرنا عند الجبل المقطوع لقينا أوائل خيل ابن حصين، فرمى إبراهيم بنفسه عن حماره وتباعد وجلس يبول، وطوتنى الخيل فلم يعرّج علىّ أحد منهم حتّى صرت إلى ابن حصين، فقال لى:
- «أبا محمّد، من أين فى هذا الوقت؟» قلت: «إنّى تمسّيت عند بعض أهلى.» فقال: «ألا أرسل معك من يبلّغك؟» قلت: «لا، قد قربت من أهلى.» فمضى يطلب، وتوجّهت على سنني حتّى انقطع آخر أصحابه، ثمّ كررت راجعا إلى إبراهيم، والتمست [٤٤٠] حماره حتّى وجدته فركب وانطلقنا فبتنا فى أهلنا فقال إبراهيم:
- «تعلم والله لقد بلت البارحة دما، فأرسل من ينظر.» فأتيت الموضع فوجدته قد بال دما.
وقال أبو جعفر: ما زال يظهر أمر إبراهيم لى حتّى اشتملت عليه طفوف البصرة.